٢ ـ إن أمر النبي «صلىاللهعليهوآله» واثلة أن يحلق عنه شعر الكفر ، يشير إلى أنه «صلىاللهعليهوآله» يريد أن يجعلهم يتحسسون قبح ما كانوا عليه ، وسوء آثاره حتى على أجسادهم ، علما بأن الآثار على الأرواح والأجساد لا تنحصر بما يتعاطى الإنسان معه من أمور مادية ، بل يتجاوز ذلك ليصبح لنفس التصورات ، وللإعتقادات التأثير الكبير والعميق على الروح ، والنفس ، وعلى البدن أيضا ، ولذلك طلب منه أن يحلق عنه شعرا نبت ونما في زمن كفره ، لأنه يحمل معه قذارات معنوية ، يريد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن ينزهه عنها.
قدوم أسيد بن أبي أناس :
قال ابن عباس : أهدر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» دم أسيد بن أبي أناس (أو إياس) لما بلغه أنه هجاه ، فأتى أسيد الطائف فأقام بها. فلما فتح رسول الله «صلىاللهعليهوآله» مكة خرج سارية بن زنيم إلى الطائف ، فقال له أسيد : ما وراءك؟
قال : «قد أظهر الله تعالى نبيه ونصره على عدوه ، فاخرج يا ابن أخي إليه ، فإنه لا يقتل من أتاه».
فحمل أسيد امرأته ، وخرج وهي حامل تنتظر ، وأقبل فألقت غلاما عند قرن الثعالب ، وأتى أسيد أهله ، فلبس قميصا واعتم ، ثم أتى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وسارية بن زنيم قائم بالسيف عند رأسه يحرسه ، فأقبل أسيد حتى جلس بين يدي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وقال : يا محمد ، أهدرت دم أسيد؟