يملأها عليه خيلا ورجالا. فإن هذا الرجل المحب للدنيا والمغرور بنفسه ، والذي بلغ غروره حدا جعله يطلب من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ثمنا لإسلامه ، وهو : أن يجعله خليفته من بعده ، وأن يكون للنبي «صلىاللهعليهوآله» المدر وله الوبر.
ومع أنه يرى بأم عينيه كيف أنه «صلىاللهعليهوآله» هزم قريشا ، ومشركي العرب ، وهزم اليهود أيضا ، وواجه قيصر الروم ، ودخلت البلاد والعباد في دينه.
نعم ، إنه مع ذلك يتهدد النبي «صلىاللهعليهوآله» بأنه سوف يملأ الأرض عليه خيلا ورجالا ، والذي قاده إلى ذلك كله هو غروره وحمقه ولا شيء أكثر من ذلك. ولكن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يجبه على تهديده باستعراض قوته ، ولا بتعداد انتصاراته ، بل أوكل الأمر إلى الله سبحانه ، لكي يفهمه : أن الله أيضا معه ، ومن ينصره الله فلا غالب له.
الموت الذليل :
وقد جاء الرد الإلهي ليقول لابن الطفيل ، وكل من يجاريه في تفكيره وفي تصوراته ليقول لهم : إن هذا الغرور الذي أوصل عامرا إلى موقع البغي والطغيان سوف يثمر لأهله مهانة وذلا ، يكابد آلامه ، ويواجهه خزيه في لحظات يرى نفسه عاجزا عن المواجهة. فإن الخيل والرجال ، وامتلاك أعنة خيل أهل نجد لا تدفع عنه الغدة التي ظهرت في عنقه ، ولا تجديه في دفع الموت الذليل عنه ، حيث مات في بيت سلولية.
وقد عبر هو نفسه عن مرارته البالغة من هذا الواقع الذي أوصله إليه