عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (١).
ولكننا نراه «صلىاللهعليهوآله» يستجيب هنا لما يطلبه الجارود العبدي ، وسلمة بن عياض من إخبارهما بما نوياه. فلماذا يستجيب هنا ، ويكون لابد من رفض الإستجابة هناك ، وفقا للتوجيه الإلهي؟!
ويمكن أن يجاب : بأن طلبات المشركين التي تحدثت الآيات عنها كانت تهدف إلى الإستفادة من تلبيتها في تضليل الناس ، لأن المشركين سيضعونها في سياق إثبات ما يدّعونه من ضرورة أن يكون الأنبياء من سنخ آخر غير سنخ البشر ، وأن البشرية لا تتلاءم مع النبوة ، أو في سياق اتهامه «صلىاللهعليهوآله» بالسحر والكهانة.
وهذا يوضح لنا سبب أمر الله تعالى نبيه «صلىاللهعليهوآله» بأن يقول لهم : (.. قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)؟!
ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٢).
ويلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» حين لا يستجيب لطلبهم هذا يوضح للناس : أن هدفهم هو مجرد التعجيز ، وليس لديهم نية الإنصياع لمقتضاه لو استجيب لهم ، لأن المطلوب إن كان هو رؤية المعجزة ، فإن نفس هذا القرآن متضمن لها ، فقد قال تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ
__________________
(١) الآيات ٩١ ـ ٩٣ من سورة الإسراء.
(٢) الآية ٧ من سورة الأنعام.