عليهم) في وجه الجمع بين خبري الإرجاء والتسليم على وجوه :
(فمنها) ـ حمل خبر الإرجاء على الفتوى وحمل خبر التخيير على العمل ، بمعنى انه لا يجوز للفقيه ـ والحال كذلك ـ الفتوى والحكم وان جاز له العمل بأيهما شاء من باب التسليم. وبه صرح جملة من مشايخنا المتأخرين ، واستدل بعضهم على ذلك بصحيحة علي بن مهزيار ومكاتبة الحميري المتقدمتين (١) وظني انهما ليستا من ذلك الباب ، إذ الظاهر من الأخبار ان التخيير في العمل من باب الرد والتسليم إنما هو مع تعذر رد الحكم لهم (عليهمالسلام) وتساوي الخبرين في طرق الترجيح ، فالحكم حينئذ فيه التخيير في العمل خروجا من الحيرة ودفعا للحرج والضرورة ، كما ينادي به كلام ثقة الإسلام الآتي نقله (٢). فهو من قبيل الرخص الواردة عنهم (عليهمالسلام) في مقام الضرورة كالعمل بالتقية ونحوه ، واما مع رد الحكم للإمام (عليهالسلام) وامره بالتخيير فالظاهر ان الحكم الشرعي في ذلك هو التخيير ، وهو أحد الوجوه التي يجمع بها بين الأخبار إذا ظهر له مستند منها. والأمر هنا كذلك.
و (منها) ـ حمل الإرجاء على زمن وجوده (عليهالسلام) وإمكان الرد اليه ، وحمل التخيير على زمان الغيبة وعدم إمكان الوصول اليه. وبه صرح الثقة الجليل احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج (٣) وفيه ان ذلك يتم بالنسبة
__________________
انه لا يسوغ له الترجيح بتلك الطرق ، وكذا لو لم يكن في بلده وأمكن التأخير إلى مراجعته ورؤيته فالظاهر انه لا يسوغ الترجيح بها ايضا (منه رحمهالله).
(١) في الصحيفة ٩٥ السطر ٨ و ١٣.
(٢) في هذه المقدمة في الموضع الخامس.
(٣) قال (قدسسره) في الكتاب المذكور بعد نقل مقبولة عمر بن حنظلة : «واما قوله (عليهالسلام) للسائل ـ : ارجه وقف عنده حتى تلقى إمامك ـ أمر بذلك عند تمكنه من الوصول الى الامام ، فاما إذا كان غائبا ولا يتمكن من الوصول اليه والأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين ولم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على رواة الآخر بالكثرة والعدالة ، كان الحكم بهما من باب التخيير» ثم استدل برواية الحسن بن الجهم ورواية الحرث بن المغيرة المتقدمتين (منه رحمهالله).