مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء (عليهمالسلام) برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله (عليهالسلام) : «اعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله عزوجل فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه». وقوله (عليهالسلام) : «دعوا ما وافق القوم ، فان الرشد في خلافهم». وقوله (عليهالسلام) : «خذوا بالمجمع عليه ، فان المجمع عليه لا ريب فيه». ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله ، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله الى العالم ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : «بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم». انتهى.
وقوله (قدسسره) : «ونحن لا نعرف. إلخ» الظاهر ان معناه انا لا نعرف من كل من الضوابط الثلاث إلا الأقل.
ويمكن توجيهه بان يقال : اما الكتاب العزيز فلاستفاضة الأخبار ـ كما قدمنا لك شطرا منها (١) ـ بأنه لا يعلمه على التحقيق سواهم (عليهمالسلام) ، وقد علمت مما حققناه سابقا ان القدر الذي يمكن الاستناد اليه من الكتاب العزيز في الأحكام الشرعية أقل قليل.
واما مذهب العامة فلا يخفى ـ على الواقف على كتب السير والآثار والمتتبع للقصص والاخبار ، وبه صرح أيضا جملة من علمائنا الأبرار بل وعلماؤهم في ذلك المضمار ـ ما عليه مذاهب العامة في الصدر السابق من الكثرة والانتشار ، واستقرار مذهبهم على هذه الأربعة إنما وقع في حدود سنة خمس وستين وستمائة ، كما نقله المحدث الأمين الأسترآبادي في كتاب الفوائد المدنية عن بعض علماء العامة ، على ان المستفاد من الأخبار كما قدمنا تحقيقه في المقدمة الأولى وقوع التقية وان لم يكن على وفق شيء من أقوالهم.
__________________
(١) في المقام الأول من المقدمة الثالثة.