مشتغل به الآن ـ حقيقة بلا خلاف ، ولمن يريد إيقاعه ـ ولما يقع منه ـ مجاز كذلك ، واما من ضرب وهو الآن غير ضارب فهل هو حقيقة أو مجاز؟ قولان ، إلا انه بسبب الإشكال في تعين محل الخلاف انتشرت الأقوال واتسع المجال.
فقيل بعدم اشتراط بقاء المأخذ مطلقا فيكون حقيقة. وعليه كثير من المعتزلة وأكثر الإمامية بل قيل كلهم.
وقيل بالاشتراط مطلقا فيكون مجازا. ونقل عن أكثر الأشاعرة والفخري في المحصول والبيضاوي في المنهاج ، واليه مال من أصحابنا المحدث الأمين الأسترآبادي في تعليقاته على شرح المدارك.
وقيل بالتفصيل بأنه ان كان المبدأ مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود فالمشتق مجاز ، وان كان مما لا يمكن بقاؤه كالمصادر السيالة الغير القارة نحو التكلم والاخبار فالمشتق حقيقة وان لم يبق المبدأ.
وقيل بالتوقف في المسألة ، لتصادم الأدلة من الطرفين وتعارض الاحتمالات من الجانبين ، ونقل عن الآمدي والحاجبي.
وقيل بتخصيص محل النزاع بما إذا كان المشتق محكوما به ، كقولك : زيد مشرك أو قاتل أو متكلم. واما إذا كان محكوما عليه كقوله تعالى : «الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ... الآية» (١) «وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ...» (٢) «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ.» (٣) ونحوه ، فإنه حقيقة مطلقا سواء كان للحال أم لم يكن. وهو المنقول عن شيخنا الشهيد الثاني في تمهيد القواعد.
وقيل : انه إذا كان اتصاف الذات بالمبدإ أكثريا بحيث يكون عدم الاتصاف
__________________
(١) سورة النور. آية ٣.
(٢) سورة المائدة. آية ٣٨.
(٣) سورة التوبة. آية ٥.