في مثل هذا الموضع ينافي الحكمة ، وتخصيصه بالبعض ترجيح من غير مرجح ، وظاهر ان الفساد المذكور إنما يكون حيث ينتفي ما يصلح بسببه الحمل على العهد ، وسبق الكلام في بعض أنواع الماهية سبب ظاهر لصحة الحمل على العهد من غير لزوم فساد. نعم يتجه ثبوت العموم في جميع افراد النوع المعهود. وليس هذا من قبيل تخصيص العام ببنائه على سبب خاص كما لا يخفى» انتهى كلامه زيد إكرامه.
(أقول) : ويمكن تطرق المناقشة الى هذا الكلام ، بان يقال : انه لا يخفى ـ على المتأمل بعين التحقيق والاعتبار فيما أوردناه من الأخبار ـ ان عدم نقض اليقين بالشك قاعدة كلية وضابطة جلية لا اختصاص لها بمادة دون مادة ولا فرد دون فرد ، وهو الذي اتفقت عليه كلمة الأصحاب كما لا يخفى على من تتبع كلماتهم في هذا الباب. والوجه فيه ان لأمي اليقين والشك فيها لام التحلية ، وهي وان كانت لا تفيد العموم بحسب الوضع بناء على ما صرح به جمع من علماء الأصول وان أشعر كلام البعض بخلافه ، لكنهم اتفقوا انها في المقامات الخطابية للعموم ، إذ هو الأوفق بمقتضى الحكمة.
وأما ما ذكره (قدسسره) بالنسبة إلى الرواية التي أوردها (١). ـ من ان اللام ثمة إنما تحمل على العموم مع عدم القرينة ، وقرينة العهدية حاصلة بالنسبة إلى الفرد المسؤول عنه.
ففيه (أولا) ـ ان ظاهر قوله (عليهالسلام) في تلك الرواية : «ولا تنقض اليقين بالشك» إنما هو العموم ، فإنه (عليهالسلام) استدل ـ على ان الوضوء اليقيني لا ينتقض بحدث النوم ـ بقوله : «لا ، حتى يستيقن انه قد نام ، الى قوله : وإلا فهو على يقين من وضوئه» ثم أردفه بتلك القاعدة تأكيدا للاستدلال وإيذانا بعموم
__________________
(١) المذكورة في الصحيفة ١٤٣ السطر ١.