شدة وضعفا. وكأن التزام المجيب بالتنجيس في هذه الصورة ودعواه الإجماع دفع للشناعة اللازمة من القول بالطهارة على هذا التقدير ، وإلا فمقتضى ما قرروه يقتضي كون الحكم كليا مع الاستهلاك وعدمه ، وظاهر عبائر جملة منهم العموم. واستدلال المحقق المذكور بذلك مبني على ما قلنا من فهمه العموم من كلامهم. والا لم يتجه دليله. والظاهر ان العلة في دعوى الإجماع المذكور إنما هو ما ذكرنا ، ولهذا ان جملة ممن تعرض للجواب عن هذا الكلام ـ ومنهم : شيخنا الشهيد الثاني في الروض ـ إنما ردوه بأنه مجرد استبعاد بل صرح بعض متأخري المتأخرين بالتزامه مع عدم ثبوت الإجماع على خلافه.
ويؤيد ذلك ايضا (١) ما صرحوا به في المضاف المسلوب الأوصاف إذا وقع في الماء ، من وجوب اعتباره إما بقلة الاجزاء وكثرتها أو بتقديره مخالفا في الأوصاف على اختلاف القولين ، وإذا وجب الاعتبار في المضاف ففي النجاسة أولى.
ونقل عن العلامة في أكثر كتبه القول بالثاني ، وتبعه ابن فهد في موجزه ، ورجحه المحقق الثاني في شرح القواعد ، ونفى عنه البعد شيخنا البهائي في كتاب الحبل المتين.
واحتج عليه في المختلف بان التغير الذي هو مناط النجاسة دائر مع الأوصاف فإذا فقدت وجب تقديرها. ورد بأنه إعادة للمدعى.
ويمكن الجواب بما قدمنا تحقيقه من ان المدار لما كان على التغير في نفس الأمر
__________________
(١) إنما ذكرنا ذلك على جهة التأييد لكسر سورة الاستبعاد فيما قلناه دون ان يكون دليلا كما ذكره المحقق الثاني (ره) لتطرق القدح اليه بكونه قياسا وان كان قياس أولوية. ومنع بعض المتأخرين الأولوية هنا محض مكابرة ، فإنه إذا وجب التقدير في المضاف ليترتب عليه الاجتناب فيما يشترط بالماء المطلق من الطهارة مثلا فبالطريق الاولى في النجس ليترتب عليه الاجتناب فيما يشترط بالطاهر من طهارة وأكل وشرب ونحوها ، إذ دائرة المنع في النجس أوسع منها في المضاف كما لا يخفى (منه قدسسره).