وبالجملة فمورد الخبرين الأشياء المعلومة الطهارة والنجاسة ، وانه لا يدخل أحد أفراد الأول في الثاني إلا مع العلم واليقين والأشياء المعلومة الحل والحرمة وانه لا يدخل أحد أفراد أولهما في الثاني الا مع العلم ايضا.
وعلى الخامس (١) ان الماء القليل في الخبر المذكور وان شمل بعمومه الجاري والراكد ، إلا ان وصفه بالقلة ان أخذ على ظاهره ـ كما هو ظاهر الاستدلال ـ كان الخبر من أقوى أدلة عدم نجاسة الماء القليل بالملاقاة. وتخصيصه ـ بالجاري خاصة بناء على قيام الدليل على نجاسة القليل بالملاقاة ـ بعيد من سياق اللفظ ، فالأظهر حمل القلة فيه على المعنى العرفي دون الشرعي ، أو حمله على التقية كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى (٢) احتج العلامة (رحمهالله) بعموم الأخبار الدالة على اشتراط الكرية في الماء بقولهم (عليهمالسلام) (٣) : «إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شيء». فان تقييد عدم انفعال الماء ببلوغ الكرية يقتضي انفعال الماء بدونه ، وهو شامل للجاري والراكد.
وتدل على ذلك أيضا صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليهالسلام) (٤) قال : «سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههما تطأ العذرة ثم تدخل في الماء. يتوضأ منه للصلاة؟ قال : لا ، إلا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من الماء». وهي بظاهرها شاملة لما كان جاريا أو راكدا (٥).
__________________
(١) وهي حسنة محمد بن ميسر المتقدمة في الصحيفة ١٨٨ السطر ١١.
(٢) في المقام الأول من الفصل الثالث عند الكلام في رد دلالة الأخبار المستدل بها على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة.
(٣) المروي في الوسائل في الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة. والنص الوارد : «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء».
(٤) المروية في الوسائل في الباب ـ ٨ و ٩ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.
(٥) وأجاب المحقق الشيخ حسن (قدسسره) في المعالم عن عموم المفهوم ، قال : «والجواب ـ على تقدير تسليم العموم بحيث يتناول محل النزاع ـ انه مخصوص بصحيح ابن بزيع لدلالته على ان وجود المادة سبب في نفى الانفعال بالملاقاة ، فلو كانت الكرية معتبرة في ذي المادة لكانت هي السبب في عدم الانفعال ، فلا يبقى للتعليل بالمادة معنى» انتهى وفيه ما عرفت من الصحيحة المذكورة آنفا (منه رحمهالله).