ان ذلك كاف في الشهادة ، لكن لا بد في العمل بالشهادة من السماع من الشاهد لا بمجرد نقله في كتابه ، فإنه لا يكفي في كونه شهادة ، هب انا سلمنا الاكتفاء به في ذلك. فما الفرق بين هذا النقل في هذه الكتب وبين نقل أولئك ـ الأجلاء الذين هم أساطين المذهب ـ صحة كتبهم وانها مأخوذة عن الصادقين (عليهمالسلام)؟ فيعتمد عليهم في أحدهما دون الآخر (واما ثالثا) فلمخالفتهم أنفسهم فيما قرروه من ذلك الاصطلاح فحكموا بصحة أحاديث هي باصطلاحهم ضعيفة كمراسيل ابن ابي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وغيرهما. زعما منهم ان هؤلاء لا يرسلون إلا عن ثقة. ومثل أحاديث جملة من مشايخ الإجازة لم يذكروا في كتب الرجال بمدح ولا قدح. مثل احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، واحمد بن محمد بن يحيى العطار ، والحسين بن الحسن بن ابان ، وابي الحسين ابن ابي جيد. وأضرابهم. زعما منهم ان هؤلاء مشايخ الإجازة وهم مستغنون عن التوثيق. وأمثال ذلك كثير يظهر للمتتبع (واما رابعا) فلاضطراب كلامهم في الجرح والتعديل على وجه لا يقبل الجمع والتأويل ، فترى الواحد منهم يخالف نفسه فضلا عن غيره ، فهذا يقدم الجرح على التعديل ، وهذا يقول لا يقدم إلا مع عدم إمكان الجمع ، وهذا يقدم النجاشي على الشيخ ، وهذا ينازعه ويطالبه بالدليل. وبالجملة : فالخائض في الفن يجزم بصحة ما ادعيناه ، والبناء من أصله لما كان على غير أساس كثر الانتقاض فيه والالتباس.
(السادس) ـ ان أصحاب هذا الاصطلاح قد اتفقوا على ان مورد التقسيم إلى الأنواع الأربعة إنما هو خبر الواحد العاري عن القرائن. وقد عرفت ـ من كلام أولئك الفضلاء المتقدم نقل كلامهم ، وبذلك صرح غيرهم ايضا ـ ان اخبار كتبنا المشهورة محفوفة بالقرائن الدالة على صحتها. وحينئذ يظهر عدم وجود مورد التقسيم المذكور في اخبار هذه الكتب. وقد ذكر صاحب المنتقى : ان أكثر أنواع الحديث المذكورة في دراية الحديث بين المتأخرين من مستخرجات العامة بعد وقوع معانيها