لا تسرى إلى الأعلى مطلقا. ثم ألزمهم أن ينجس كل ما كان تحت النجاسة من الماء المنحدر إذا لم يكن فوقه كر وان كان نهرا عظيما. وهو معلوم البطلان.
أقول : الظاهر ان مقصود المستدل أن تقوي الأعلى بالأسفل لا دليل عليه إلا الاندراج تحت روايات الكر. والاندراج ليس بمسلم ، وإلا لزم تنجس الأعلى بنجاسة الأسفل (١) وحينئذ ففيه دلالة على ان حكمه بتقوي الأسفل بالأعلى ليس مبنيا على الاندراج المذكور. وبذلك يتضح ان الجواب المذكور غير متوجه. إلا انه قد أورد على ما ذكروه من تقوي الأسفل بالأعلى دون العكس (٢) بأنه ان كان مبنيا على الاندراج تحت العموم ، فالمستفاد من روايات الكر تساوي اجزائه في حكمي الطهارة والنجاسة ، فاجزاؤه متقوية بعضها ببعض (٣) وان كان مبنيا على إطلاق المادة في باب البئر ، وكذا المادة الواردة في حياض الحمام ، وانها يحصل بها التقوى وان كانت أقل من كر ، فكذلك الأعلى ههنا ، فإنه مادة لما سفل عنه ، فيتقوى الأسفل به دون العكس ، ففيه (أولا) ـ انه لا حاجة حينئذ إلى اعتبار كرية المجموع. و (ثانيا) ـ انه مناف لما مر من اعتبارهم الكرية في مادة الحياض. وان كان مبنيا على تقوي اجزاء الماء الساكن بعضها ببعض ، فيلزمه ـ من باب مفهوم الموافقة ـ تقوي الأسفل بالأعلى دون العكس ، فيتوجه عليه ان العلة في تقوي اجزاء الساكن بعضها ببعض هو توزع النجاسة وانتشارها على اجزائه لسكونها وتقاربها ، فتكون النجاسة مضمحلة فيه. والنجاسة
__________________
(١) لأن الأعلى والأسفل متى كانا واحدا المقتضى دخولهما تحت عموم روايات الكر فلو نقصا جميعا عن الكر لزم تنجس الأعلى بنجاسة الأسفل تحقيقا للوحدة ، كما ان الماء القليل المجتمع إذا لاقته نجاسة نجس جميعه ، وهو باطل قطعا ، والا لتعذر التطهير بالصب من الأواني القلية الماء كالإبريق ونحوه (منه رحمهالله).
(٢) هذا الإيراد للمحدث الأمين الأسترآبادي (قدسسره) في تعليقاته على المدارك (منه قدسسره).
(٣) فلا ينجس بعض منه دون بعض (منه رحمهالله).