الواقعة في الصورة المفروضة لم تتوزع على المجموع كما في الساكن ، فلا يتم كون تقوي الأسفل بالأعلى من باب الموافقة. وان كان مبنيا على وجه آخر فلا بد من إيراده لننظر في صحته وفساده.
أقول : بل الظاهر انه مبني على ما ذكره المحقق الشيخ حسن في المعالم (١) من ان الوجه فيه ان المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة له ، ولا ريب ان تأثير المادة إنما هو باعتبار إفادتها الاتصال بالكثرة ، وليس الزائد منها على الكر بمعتبر في نظر الشارع ، فيرجع حاصل المقتضي الى كونه متصلا بالكر على جهة جريانه اليه واستيلائه عليه ، وهذا المعنى بعينه موجود فيما نحن فيه ، فيجب ان يحصل مقتضاه. ويؤيد ذلك حكم ماء الحمام ، فانا لا نعلم من الأصحاب مخالفا في عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ المادة كرا ، والاخبار الواردة فيه شاهدة بذلك ايضا ، وليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك. انتهى.
وأنت خبير بما فيه (اما أولا) ـ فلان ما ذكره ـ من ان المقتضي لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة له ـ إشارة إلى التعليل الذي تضمنته صحيحة محمد ابن إسماعيل بن بزيع (٢) ولا يخفى ما فيه كما تقدم التنبيه عليه في المقالة الرابعة من الفصل الأول (٣).
__________________
(١) قال (قدسسره) في الكتاب المذكور ـ بعد الكلام في الاستدلال على اعتبار المساواة بما قدمنا نقله عنه في متن الكتاب ـ : «فان قلت هذا الاعتبار يقتضي انفعال غير المستوي مطلقا ، مع ان الذاهبين الى اعتبار المساواة مصرحون بعدم انفعال القليل المتصل بالكثير إذا كان الكثير أعلى ـ وقد سبق نقله عن البيان والذكرى ـ فما الوجه في ذلك؟ وكيف حكموا بالاتحاد مع علو الكثير ونفوه في عكسه؟ والمقتضى للنفي على ما ذكرت موجود فيهما قلت : لعل الوجه» ثم ساق الكلام كما نقلناه في متن الكتاب (منه رحمهالله).
(٢) المتقدمة في الصحيفة ١٨٨.
(٣) في الصحيفة ١٨٩ السطر ٧.