من الوجوه المذكورة في أدلتهم. فإن كان المستند غير الخبر المذكور فوجه عدم اللزوم ظاهر ، وان كان الخبر المذكور فكذلك أيضا ، لأنه وان دل بعمومه على ان الماء إذا بلغ كرا لم يظهر فيه خبث ، الا ان ذلك العموم مخصوص نصا وإجماعا بالخبث الذي لا يكون مغيرا للماء ، والا لكان منجسا للماء البتة ، فإذا ثبتت النجاسة بالتغير كان حكمها مستصحبا الى ان يعلم المزيل كما ذكره القائلون بعدم الطهارة بالإتمام ، ولو قيل : ان القدر الثابت من المخصص هو التخصيص بالمتغير ما دام متغيرا ، واما ما بعد زوال التغير فهو داخل في العموم. لقيل : ان هذا بعينه يرد على من تمسك بالرواية المشهورة (١) وهي «إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شيء». كما لا يخفى (٢).
حجة القول المشهور ان النجاسة وزوالها حكمان شرعيان متوقفان على النص من الشارع ، فكما حكم بالنجاسة بالتغير لثبوت ذلك عنه. فلا يحكم بالطهارة بالزوال الا مع ثبوت ذلك عنه ايضا ، والا فيكون حكم النجاسة مستصحبا الى ان تحصل الطهارة بما جعله مطهرا. وليس الاستصحاب هنا من قبيل الاستصحاب المتنازع فيه بل مرجعه هنا الى العمل بعموم الدليل.
أقول : وتحقيق القول في الاستصحاب وجملة اقسامه قد تقدم في المقدمة الثالثة (٣).
__________________
وفي تاج العروس في الجزء الثالث في الصحيفة (٥١٩) الكر بالضم مكيال لأهل العراق ، ومنه : حديث ابن سيرين «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل نجسا».
(١) تقدم الكلام فيها في التعليقة ٣ في الصحيفة ١٩١.
(٢) وذلك لأنها مخصوصة بغير المتغير نصا وإجماعا ، فالكر المتغير كلا أو بعضا نجس ، وبعد زوال التغير بمقتضى الإيراد المذكور يندرج في العموم ، مع انهم لا يقولون به بل يستصحبون حكم النجاسة الى ان تحصل الطهارة بأحد المطهرات الشرعية (منه رحمهالله).
(٣) في الصحيفة ٥١.