وحمل أيضا في الاستبصار الرواية الثانية على ان الحب لا يمتنع ان يسع من الماء مقدار الكر ، وعلى ذلك حمل الجرة والراوية والحب والقربة.
وجملة متأخري الأصحاب (رضوان الله عليهم) أعرضوا عن النظر في هذه الاخبار وأطبقوا على اخبار الكر ، والظاهر ان ذلك اما بناء على ما اعتمدوه من الاصطلاح في تقسيم الحديث ، وان هذه الروايات ضعيفة الأسانيد ، فلا تبلغ قوة المعارضة لتلك الأخبار الصحيحة أو الضعيفة المجبورة عندهم بعمل الطائفة ، أو انها عندهم غير منافية بناء ما ذكره الشيخ (قدسسره).
__________________
الحديث : رواه الخمسة. وهم باصطلاحه ـ كما ذكر ذلك في أول الكتاب ـ : احمد بن حنبل في مسنده وأبو عيسى الترمذي في جامعه. وأبو عبد الرحمن النسائي في كتاب السنن. وأبو داود السجستاني في كتاب السنن. وابن ماجة القزويني في كتاب السنن. الا ان النص الذي ذكره : «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» وقال : وفي لفظ ابن ماجة ورواية لأحمد «لم ينجسه شيء». وفي كنز العمال في الجزء الخامس في الصحيفة ٩٥ «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث». وروى البيهقي في الجزء الأول من سننه في الصحيفة ٢٦٠ و ٢٦١ الحديث بالنص المتقدم وفي الصحيفة ٢٦١ منه ايضا بالنص المذكور في الكتاب. وفي مصابيح السنة للغوى في الجزء الأول في الصحيفة ٣٣ «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا».
وقد ورد الكر أيضا في رواياتهم ، ويحكى عن بعضهم انه هو المعيار في هذا الباب ، قال الجصاص في أحكام القرآن في الجزء الثالث في الصحيفة ٤١٩ في قوله تعالى : «وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً» بعد ان نقل المذاهب في الماء الكثير : «وقال مسروق والنخعي وابن سيرين : إذا كان الماء كرا لم ينجسه شيء». وقال ابن الأثير في النهاية في مادة كر : في حديث ابن سيرين «إذا كان الماء قدر كر لم يحمل القذر». وفي رواية «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل نجسا». وفي تاج العروس في الجزء الثالث في الصحيفة ٥١٩ في مادة كر : الكر بالضم مكيال لأهل العراق ومنه : حديث ابن سيرين «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل نجسا». وفي رواية «إذا كان الماء قدر كر لم يحمل القذر» ..