ـ بحمد الله ـ ما هو ساطع النور في الظهور ، مثل خبر العبدية (١) الدال على ان ما يبل الميل من الخمر ينجس حبا من ماء ، وخبر عمر بن حنظلة (٢) الدال على اهراق الحب لو قطرت فيه قطرة من مسكر. فهل يعقل هنا مجال لاحتمال التغير أو إجراء لما تمحله من المقايسة والتقدير؟ وقد خرجنا الى حد الإسهاب في هذا الباب ، لما رأينا من جملة من الأصحاب في جمودهم على هذه المقالة اغترارا بما ذكره هذا الفاضل من الاستدلال وإطالة.
(المقام الثاني) ـ المشهور ـ بين الأصحاب القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة ـ نجاسته بذلك وردت عليه النجاسة أو ورد عليها.
وذهب السيد المرتضى (رضياللهعنه) في المسائل الناصرية إلى تخصيص ذلك بورود النجاسة دون العكس ، قال في الكتاب المذكور ـ بعد قول جده الناصر : ولا فرق بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء ـ ما لفظه : «هذه المسألة لا أعرف فيها لأصحابنا قولا صريحا» ثم نقل عن الشافعي الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه ، واعتبار القلتين في الثاني دون الأول (٣) ، وقال بعده : «ويقوى في نفسي عاجلا ـ الى ان يقع التأمل ـ صحة ما ذهب إليه الشافعي. والوجه فيه انا لو حكمنا بنجاسة القليل الوارد على النجاسة ، لأدى ذلك الى ان الثوب لا يطهر من النجاسة إلا بإيراد كر من الماء عليه ، وذلك يشق ، فدل على ان الماء الوارد
__________________
(١) المتقدم في الصحيفة ٢٨٧.
(٢) المتقدم في الصحيفة ٢٨٨.
(٣) نسب الفرق المذكور إلى الشافعي ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق ج ١ ص ٢٢٢ وشيخزاده الحنفي في مجمع الانهر ج ١ ص ٦٣ ، وابن قدامة الحنبلي في المغني ج ١ ص ٥٨ ، ويظهر ذلك من الغزالي الشافعي في الوجيز ج ١ ص ٥ ، وابن حجر الشافعي في شرح المنهاج ج ١ ص ٣٨. وقد تقدم في التعليقة ٤ في الصحيفة ٢٥٠ ما يرجع الى القلتين.