مطلق يتناول بظاهره الأمرين (١).
احتج الأولون بأنه ماء محكوم بنجاسته شرعا ، فتوقف الحكم بارتفاعها على الدليل. وليس فليس ، لما سيظهر بعد إبطال أدلة الخصم.
(لا يقال) : ان هذا تمسك بالاستصحاب ، وأنتم قد نفيتم التمسك به آنفا (٢).
(لأنا نقول) : ان الاستصحاب في مثل هذه الصورة ليس من القسم المتنازع فيه ، بل من قبيل ما يدخل تحت عموم الدليل أو إطلاقه ، لأن ما دل على نجاسة القليل بالملاقاة لا تقييد فيه بوقت دون آخر ولا بحالة دون اخرى ، ولان من جملة أدلة نجاسة الماء القليل الأخبار الدالة على النهي عن الوضوء والشرب منه متى لاقته نجاسة ، والنهي عندهم للتكرار والدوام ، ولأن الأخبار ـ الدالة على عدم الخروج عن يقين الطهارة أو النجاسة إلا بيقين مثله ـ شاملة لمحل النزاع.
وما ذكره بعض فضلاء متأخري المتأخرين ـ من منع هذه الأدلة هنا من غير ان يبين وجهه بتفصيل ولا إجمال ـ لا اعرف له وجها إلا مجرد حب المناقشة في أمثال هذا المجال.
احتج المرتضى (رضياللهعنه) ـ على ما نقل عنه ـ بوجهين :
(أحدهما) ـ ان بلوغ قدر الكر موجب لاستهلاكه للنجاسة ، فيستوي وقوعها قبل البلوغ وبعده.
و (ثانيهما) ـ ان الإجماع واقع على طهارة الماء الكثير إذا وجدت فيه نجاسة ولم يعلم هل كان وقوعها قبل بلوغ الكرية أو بعده؟ وما ذاك إلا لتساوي الحالين ،
__________________
(١) ممن صرح بالأول ابن إدريس على ما نقل عنه ، وممن صرح بالثاني ابن حمزة على ما نقل عنه ، والباقون أطلقوا (منه رحمهالله).
(٢) في المطلب الثاني في الصحيفة ٥١.