إذ لو اختص الحكم ببعدية الوقوع لم يكن للحكم بالطهارة وجه ، لانه كما يحتمل تأخره عن البلوغ يحتمل تقدمه عليه.
واحتج ابن إدريس بالإجماع ، وبقوله (عليهالسلام) : «إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا» (١).
وهو عام. وزعم ان هذه الرواية مجمع عليها عند المخالف والمؤالف وبالعمومات الدالة على طهارة الماء وجواز استعماله كقوله سبحانه : «وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ...» (٢) وقوله : «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ...» (٣)
وقوله (عليهالسلام) لأبي ذر : «إذا وجدت الماء فأمسه جسدك» (٤).
وقوله (عليهالسلام) : «اما انا فلا أزيد على ان احثو على رأسي ثلاث حثيات. فإذا انى قد طهرت» (٥).
__________________
(١) تقدم الكلام في هذا الحديث في التعليقة ١ في الصحيفة ٢٤٦.
(٢) سورة الأنفال. الآية ١٢.
(٣) سورة المائدة. الآية ١٠.
(٤) هذا من حديث رواه أحمد في مسنده ج ٥ ص ١٤٦ ، وأبو داود في السنن ج ١ ص ٩١ ، وروى الترمذي في جامعه ج ١ ص ١٩٣ القطعة الأخيرة منه المتعلقة بالتيمم والغسل. وروى ابن العربي في شرحه على جامع الترمذي الحديث بتمامه. ورواه أيضا البيهقي في السنن ج ١ ص ١٧٩. والحديث ١٢ من الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الجنابة من الوسائل يوافق ما رواه هؤلاء إلا انه خال من الذيل المذكور.
(٥) هذا الحديث رواه الشوكانى في نيل الأوطار عن احمد ج ١ ص ٢١٥ هكذا. «اما انا فاحثى على رأسي ثلاث حثيات ثم أفيض فإذا انا قد طهرت». ثم قال : وقال الحافظ قوله : «فإذا انا قد طهرت» لا أصل له من حديث صحيح ولا ضعيف. ولكنه وقع من حديث أم سلمة ، قال لها : «انما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين الماء عليك فإذا أنت قد طهرت». وأصله في صحيح مسلم. انتهى ما في نيل الأوطار. وروى البخاري في صحيحة ج ١ (باب من أفاض على رأسه ثلاثا) قوله (ص) : «اما انا فأفيض على رأسي ثلاثا». وأشار بيديه كلتيهما. وهكذا رواه مسلم في صحيحة ج ١ ص ١٣٦ والنسائي في السنن ج ١ ص ٤٩. وابن ماجة في السنن ج ١ ص ٢٠٣.