ثم قال : ولأن في التفصي عنه عسرا فشرع العفو دفعا للعسر» انتهى.
وأنت خبير بان مقتضى قوله : «ويدل على الطهارة. إلخ» بعد نقله القولين أولا هو اختيار الطهارة التي هي أحد ذينك القولين. وقوله في الدليل الثاني : «ولأن في التفصي عنه عسرا فشرع العفو. إلخ» ظاهر في اختيار العفو الذي هو القول الآخر ايضا (١) وأيضا ففي حكمه على كلام المرتضى بالصراحة في القول بالعفو ـ مع حكمه على رواية الأحول بالدلالة على الطهارة ـ نوع تدافع ، فإن العبارة فيهما واحدة ، إذ نفي البأس ان كان صريحا في العفو ففي الموضعين ، وان كان في الطهارة فكذلك ، وحينئذ فنسبة القول بالطهارة إلى المعتبر ـ كما فهمه السيد السند في المدارك وجمع ممن تأخر عنه ـ كما ترى ، وأعجب من ذلك نقل شيخنا الشهيد في الذكرى ـ كما تقدم في عبارته ـ القول بالعفو عن المعتبر بتلك العبارة. وتبعه على ذلك المحقق الشيخ علي (رحمهالله) في شرح القواعد وشيخنا الشهيد الثاني في الروض فقال في شرح
__________________
(١) أقول : الذي يظهر من كلام المحقق (رحمهالله) هنا هو ان مراده بالعفو هو الطهارة ، بمعنى انه وان كان مقتضى كلية نجاسة القليل بالملاقاة هو النجاسة هنا إلا انه لما كان في التفصي عنه عسر وحرج. استثناه الشارع من تلك الكلية فحكم بطهارته عفوا عنه ورحمة للعباد ، كما هو شأن الرخص الواردة في الشريعة ، والتعبير بالعفو إشارة الى ان الطهارة هنا من قبيل الرخص تخفيفا ، إذ مقتضى تلك الكلية هو النجاسة كما عرفت ، ويبعد من مثل المحقق (ره) ـ على تقدير ارادة المعنى الذي فهموه ـ التعبير بمثل هذه العبارة المضطربة كما عرفته في الأصل ، ويؤيد ما قلناه قوله ـ بعد هذه المسألة في الفرع الذي ذكره في حكم غسالة إناء الولوغ ، بعد ان نقل عن الشيخ الاستدلال على طهارة هذه الغسالة مطلقا بأنه لو كان المنفصل نجسا لما طهر الإناء ، لأنه كان يلزم نجاسة البلة الباقية بعد المنفصل ثم ينجس الماء الثاني بنجاسة البلة وكذا ما بعده ـ ما صورته «والجواب ان ثبوت الطهارة بعد الثانية ثابت بالإجماع فلا يقدح ما ذكره ، ولانه معفو عنه دفعا للحرج» انتهى. فان حكمه بطهارة البلة بالإجماع أولا واستدلاله بالعفو ثانيا لا يجتمع إلا على ما ذكرناه وحينئذ فالظاهر من عبارته في ماء الاستنجاء هو الطهارة والله العالم (منه رحمهالله).