صراحة القول بالطهارة بمجرد نفيه البأس عما ينتضح على الثوب والبدن من ماء الاستنجاء ـ يؤذن بأن محل النزاع في ملاقاة هذا الماء للثوب والبدن وانه هل ينجس به وان انتفى البأس عن الصلاة فيه كما هو مذهب المرتضى ، أو يحكم بالطهارة كما هو القول الآخر؟ (١) ، لا ان مظهر النزاع استعماله ثانيا وان الملاقي للثوب والبدن منه طاهر إجماعا. وهذا بحمد الله ظاهر غاية الظهور ، وحينئذ فلا استبعاد في حمل العفو في عبارة المعتبر على المعنى المعهود. نعم يبقى الإشكال في نسبة ذلك اليه كما عرفت.
وكيف كان فالتحقيق في المقام ان يقال : ان أكثر الأخبار المتقدمة قد اشتركت في نفي البأس عن ملاقاته للثوب والبدن ، ونفي البأس وان كان أعم من الطهارة إلا ان تصريح صحيحة عبد الكريم (٢) بعدم التنجيس يقتضي حمل نفي البأس في تلك الأخبار على الكناية عن الطهارة. وأيضا فإنه من الظاهر البين الظهور انه متى عفي عن ملاقاته لما هو مذكور في الاخبار ، وقد عرفت انه لا خصوصية لها بذلك ، فيتعدى الحكم الى غيرها ، وانه لا تتعدى النجاسة من تلك الأشياء الى ما تلاقيه برطوبة من ماء قليل وغيره ، فإنه يلزم ان يكون طاهرا البتة ، إذ لا معنى للطاهر شرعا إلا ذلك.
قال المحقق الشيخ علي (رحمهالله) في شرح القواعد ـ على اثر الكلام المتقدم
__________________
(١) وبالجملة فالعفو ان أخذ بالمعنى الذي ذكره شيخنا الشهيد ـ وهو عبارة عن سلب الطهورية ـ كان مقابلته بالطهارة بمعنى المطهرية ، وان أخذ بالمعنى المشهور ، كانت الطهارة المقابلة له بمعنى عدم النجاسة ، وحينئذ فنسبة صاحب المعتبر الى السيد (رحمهالله) القول بالعفو دون الطهارة من حيث نفيه البأس عن ملاقاة ماء الاستنجاء للثوب والبدن للترجيح له على المعنى الأول ، إذ لا معنى لأخذ الطهورية وعدمها في ملاقاة الماء للثوب والبدن ، بل يتعين المعين الثاني البتة ، وحينئذ لا يستقيم ما ذكره في الذكرى (منه قدسسره).
(٢) المتقدمة في الصحيفة ٤٦٨.