فقال : (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). فما فوض الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد فوضه إلينا).
ولعلك بمعونة ذلك تعلم ان الترجيح بين الاخبار بالتقية ـ بعد العرض على الكتاب العزيز ـ أقوى المرجحات. فان جل الاختلاف الواقع في أخبارنا بل كله عند التأمل والتحقيق إنما نشأ من التقية (١) ومن هنا دخلت الشبهة على جمهور متأخري أصحابنا رضوان الله عليهم ، فظنوا ان هذا الاختلاف إنما نشأ من دس أخبار الكذب في أخبارنا ، فوضعوا هذا الاصطلاح ليميزوا به صحيحها عن سقيمها وغثها من سمينها ، وقوى الشبهة فيما ذهبوا إليه شيئان : (أحدهما) رواية مخالف المذهب وظاهر الفسق والمشهور بالكذب من فطحي وواقفي وزيدي وعامي وكذاب وغال ونحوهم. و (ثانيهما) ما ورد عنهم عليهمالسلام من ان لكل رجل منا رجلا يكذب عليه وأمثاله مما يدل على دس بعض الأخبار الكاذبة في أحاديثهم عليهمالسلام ، ولم يتفطنوا نور الله ضرائحهم الى ان هذه الأحاديث التي بأيدينا إنما وصلت إلينا بعد أن سهرت
__________________
(١) أقول : وقد وفق الله تعالى الى الوقوف على كلام للمحدث الأمين الأسترآبادي (قدسسره) يطابق ما سنح لنا في هذه المقالة ، حيث قال في تعليقاته على كتاب المدارك في بحث البئر في بيان السبب في اختلاف اخبار النزح ما لفظه : واما الروايات المختلفة المتضمنة للنزح ففي سبب اختلافها احتمالات ، وذلك لتضمن كثير من الروايات انه من أنواع التقية صدور أجوبة مختلفة عنهم عليهمالسلام في مسألة واحدة لئلا يثبت عليهم قول واحد ، ولنص كثير منها ان خصوصيات كثير من الأحكام مفوضة إليهم عليهمالسلام كما كانت مفوضة إليه (ص) ، ليعلم المسلم لأمرهم من غيره ، الى آخر كلامه خصه الله بمزيد إكرامه. وانى سابقا كان يكثر تعجبي من عدم اهتداء أحد سيما من المحدثين الى ما ذكرنا ، حتى وفق الله سبحانه للوقوف على هذا الكلام ، وما ذكره (قدسسره) من خروج بعض الاختلافات عنهم (ع) من باب التفويض يدل عليه من الاخبار المذكورة هنا خبر موسى بن أشيم (منه رحمهالله).