يتوجّه إليه ، فحين لمحه ابن عمار والسكر قد استحوذ على لبه ، وبثّ سراياه في ضواحي قلبه ، جدّ في أن يستخرج تلك الدرة من ماء ذلك الدّلاص (١) ، وأن يجلّي عنه سهكه كما يجلّى الخبث عن الخلاص (٢) ، وأن يكون هو الساقي ، فأمره المؤتمن بقبول أمره وامتثاله ، واحتذاء مثاله (٣) ، فحين ظهرت تلك الشمس من حجبها ، ورميت شياطين النفوس من كميت المدام بشهبها ، ارتجل ابن عمار : وهويته ـ الخ :
إلا أنه قال إثر قوله : إياك بادرة الوغى من فارس ما صورته : يضع السنان على العذار الأملس ولابن عمار الرائية المشهورة في مدح المعتضد عباد والد المعتمد ، وهي (٤) : [الكامل]
در المدامة فالنّسيم قد انبرى |
|
والنّجم قد صرف العنان عن السّرى |
والصّبح قد أهدى لنا كافوره |
|
لمّا استردّ اللّيل منّا العنبرا |
والرّوض كالحسنا كساه زهره |
|
وشيا وقلّده نداه جوهرا |
أو كالغلام زها بورد خدوده |
|
خجلا وتاه بآسهنّ معذّرا |
روض كأنّ النّهر فيه معصم |
|
صاف أطلّ على رداء أخضرا |
وتهزّه ريح الصّبا فتخاله |
|
سيف ابن عبّاد يبدّد عسكرا |
عبّاد المخضرّ نائل كفّه |
|
والجوّ قد لبس الرّداء الأغبرا |
ملك إذا ازدحم الملوك بمورد |
|
ونحاه لا يردون حتّى يصدرا |
أندى على الأكباد من قطر النّدى |
|
وألذّ في الأجفان من سنة الكرى |
يختار إذ يهب الخريدة كاعبا |
|
والطّرف أجرد والحسام مجوهرا(٥) |
قدّاح زند المجد لا ينفكّ من |
|
نار الوغى إلا إلى نار القرى |
لا خلق أفرى من شفار حسامه |
|
إن كنت شبّهت المواكب أسطرا(٦) |
__________________
(١) الدلاص : اللين البراق.
(٢) السهك : الرائحة الكريهة.
(٣) في ج : واحتذاء أمثاله.
(٤) انظر قلائد العقيان ص ٩٦.
(٥) الخريدة : الفتاة البكر الحسناء. والكاعب : من ظهر ثدياها. والطرف : الفرس الكريم ، والأجرد : القصير الشعر.
(٦) في ب : لا خلق أقرأ.