اسم الفاعل ـ وأسهب في الكلام فهو مسهب ، إذا أطال البحث فيه ، وألفج فهو ملفج ، إذا كان عديما ، لا رابع لها ، والله تعالى أعلم ، انتهى.
ومنها قوله : سمعت الشيخ فخر الإسلام أبا بكر الشاشي وهو ينتصر لمذهب أبي حنيفة في مجلس النظر يقول : يقال في اللغة العربية لا تقرب كذا ـ بفتح الراء ـ أي لا تتلبس بالفعل ، وإذا كان بضم الراء كان معناه لا تدن من الموضع ، وهذا الذي قاله صحيح مسموع ، انتهى.
ومنها قوله : شاهدت المائدة بطورزيتا (١) مرارا ، وأكلت عليها ليلا ونهارا ، وذكرت الله سبحانه فيها (٢) سرا وجهارا ، وكان ارتفاعها أشفّ من القامة بنحو الشبر (٣) ، وكان لها درجان قبلي وجنوبي (٤) ، وكانت صخرة صلودا (٥) لا تؤثر فيها المعاول ، وكان الناس يقولون : مسخت صخرة إذ مسخ أربابها قردة وخنازير (٦) ، والذي عندي أنها كانت صخرة في الأصل قطعت من الأرض محلا للمائدة النازلة من السماء ، وكل ما حولها حجارة مثلها ، وكان ما حولها محفوفا بقصور ، وقد نحتت في ذلك الحجر الصلد بيوت أبوابها منها ومجالسها منها ، مقطوعة فيها ، وحناياها في جوانبها ، وبيوت خدمتها قد صوّرت من الحجر كما تصوّر من الطين والخشب ، فإذا خلت في قصر من قصورها ورددت الباب وجعلت من ورائه صخرة مقدار ثقل (٧) ثمن درهم لم يفتحه أهل الأرض للصوقه بالأرض ، وإذا هبّت الريح وحثت تحته التراب لم يفتح إلا بعد صب الماء تحته والإكثار منه حتى يسيل بالتراب ، وينفرج منفرج الباب ، وقد بار بها قوم بهذه العلة (٨) ، وقد كنت أخلو فيها كثيرا للدرس ، ولكني كنت في كل حين أكنس حول الباب ، مخافة مما جرى لغيري فيها ، وقد شرحت أمرها في كتاب «ترتيب الرحلة» بأكثر من هذا ، انتهى.
ومنها قوله رحمه الله تعالى : تذاكرت بالمسجد الأقصى مع شيخنا أبي بكر الفهري الطرطوشي حديث أبي ثعلبة المرفوع «إن من ورائكم أيّاما للعامل فيها أجر خمسين منكم»
__________________
(١) طورزيتا : جبل قريب من رأس عين ، يقال إنه مات فيه سبعون نبيا.
(٢) في ب : سبحانه وتعالى.
(٣) أشفّ : أزيد أو أقل ، وهي من الألفاظ التي تحمل المعنيين المتناقضين.
(٤) في ب : درجتان قبليا وجنوبيا ..
(٥) الصخرة الصلود : الصلبة.
(٦) يشير إلى الآية الكريمة التي تحكي صنيع الله تعالى في عصاة بني إسرائيل : (... مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ ...) [المائدة ، الآية : ٦٠].
(٧) ثقل : غير موجودة في ب.
(٨) بار : هلك.