الشاهد يبطل أن يكون القميص ، وأما من قال إنه ابن عمها أو رجل من أصحاب العزيز فإنه يحتمل ، لكن قوله : (مِنْ أَهْلِها) [يوسف : ٢٦] يعطي اختصاصها من جهة القرابة ، انتهى.
ومنها قوله : إنه كان بمدينة السلام إمام من الصوفية وأي إمام ، يعرف بابن عطاء ، فتكلم يوما على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته مما نسب إليه (١) من مكروه ، فقام رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة فقال : يا شيخ ، يا سيدنا ، فإذن يوسف همّ وما تم ، فقال : نعم ، لأن العناية من ثمّ ، فانظروا إلى حلاوة العالم والمتعلم وفطنة العامي في سؤاله ، والعالم في اختصاره واستيفائه ، ولذا قال علماؤنا الصوفية : إن فائدة قوله تعالى : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) [يوسف : ٢٢] إن الله تعالى أعطاه العلم والحكمة أيام غلبة الشهوة لتكون له سببا للعصمة. انتهى.
ومنها قوله : كنت بمكة مقيما في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وأربعمائة ، وكنت أشرب من (٢) ماء زمزم كثيرا ، وكل ما شربته نويت به العلم والإيمان ، ففتح الله تعالى لي ببركته في المقدار الذي يسّره لي من العلم ، ونسيت أن أشربه للعمل ، ويا ليتني شربته لهما ، حتى يفتح الله تعالى لي فيهما ، ولم يقدّر فكان صفوي (٣) للعلم أكثر منه للعمل ، وأسأل الله تعالى الحفظ والتوفيق برحمته.
ومنها قوله : سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول : إنما تبع الولد الأم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ، ولا مالية فيه ، ولا منفعة مبتوتة عليه (٤) ، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها ، فلذلك تبعها ، كما لو أكل رجل تمرا في أرض رجل وسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل بإجماع من الأمة ، لأنها انفصلت عن الآكل ولا قيمة لها ، وهذه من البدائع ، انتهى.
ومنها قوله : ومن نوادر أبي الفضل الجوهري ما أخبرنا عنه محمد بن عبد الملك الواعظ وغيره أنه كان يقول : إذا أمسكت علاقة الميزان بالإبهام والسبابة ، وارتفعت سائر الأصابع كان شكلها مقروا (٥) بقولك الله ، فكأنها إشارة منه سبحانه في تيسير الوزن كذلك إلى أن الله سبحانه مطلع عليك ، فاعدل في وزنك ، انتهى.
__________________
(١) في ب : مما ينسب إليه.
(٢) من : غير موجودة في ب.
(٣) في ب : صفوي.
(٤) مبتوتة : مقطوع بها. في ب : مبثوثة.
(٥) في ب : مقررا بقولك : الله.