ومن شعره : [الطويل]
أسير الخطايا عند بابك واقف |
|
على وجل ممّا به أنت عارف(١) |
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها |
|
ويرجوك فيها فهو راج وخائف |
ومن ذا الّذي يرجى سواك ويتّقى |
|
وما لك في فصل القضاء مخالف |
فيا سيّدي لا تخزني في صحيفتي |
|
إذا نشرت يوم الحساب الصّحائف |
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما |
|
يصدّ ذوو القربى ويجفو المؤالف |
لئن ضاق عنّي عفوك الواسع الّذي |
|
أرجّي لإسرافي فإنّي لتالف |
وكان ـ رحمه الله تعالى! ـ حسن الشعر والبلاغة.
ومن شعره أيضا رحمه الله تعالى : [الكامل]
إنّ الّذي أصبحت طوع يمينه |
|
إن لم يكن قمرا فليس بدونه |
ذلّي له في الحبّ من سلطانه |
|
وسقام جسمي من سقام جفونه |
وله شعر كثير ، ومولده في ذي القعدة ليلة الثلاثاء لتسع بقين منه سنة ٣٥١ ، وتولى القضاء بمدينة بلنسية في دولة محمد المهدي المرواني ، وقتله البربر يوم فتح قرطبة يوم الاثنين لست خلون من شوال سنة ٤٠٣ ، وبقي في داره ثلاثة أيام ، ودفن متغيرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة ، رحمه الله تعالى!.
وروي عنه أنه قال : تعلقت بأستار الكعبة ، وسألت الله تعالى الشهادة ، ثم انحرفت وفكرت في هول القتل ، فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله سبحانه وتعالى فاستحييت.
وأخبر من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف : لا يكلم أحد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يكلم في سبيله ، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما (٢) اللون لون الدم والريح ريح المسك ، كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك ، قال : ثم قضى على إثر ذلك.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وقد ساق في المطمح حكايته فقال : كان حافظا عالما كلفا بالرواية ، رحل في طلبها ،
__________________
(١) على وجل : على خوف.
(٢) يثعب : مضارع : ثعب الدم والماء ونحوهما ـ من باب منع وفتح ـ إذا سال وانفجر ، وهو بالعين المهملة.