ذلك الأمر إلى أن يجيء وقته ، فإن يسر الله تعالى فعله فعله ، وإن لم ييسر الله فعله يكون مخلصا من نكث العهد ، ولا يكون متصفا بنقض الميثاق.
ومن نظم الشيخ محيي الدين ـ رحمه الله تعالى! ـ قوله : [الكامل]
بين التّذلّل والتّدلّل نقطة |
|
فيها يتيه العالم النّحرير(١) |
هي نقطة الأكوان إن جاوزتها |
|
كنت الحكيم وعلمك الإكسير(٢) |
وقوله أيضا رحمه الله : [الكامل]
يا درّة بيضاء لاهوتيّة |
|
قد ركّبت صدفا من النّاسوت |
جهل البسيطة قدرها لشقائهم |
|
وتنافسوا في الدّرّ والياقوت |
وحكى العماد بن النحاس الأطروش (٣) أنه كان في سفح جبل قاسيون على مستشرف ، وعنده الشيخ محيي الدين ، والغيث والسحاب عليهم ، ودمشق ليس عليها شيء ، قال : فقلت للشيخ : أما ترى هذه الحال؟ فقال : كنت بمراكش وعندي ابن خروف الشاعر ، يعني أبا الحسن علي بن محمد القرطبي القبذاقي (٤) ، وقد اتفق الحال مثل هذه ، فقلت له مثل هذه المقالة ، فأنشدني : [المتقارب]
يطوف السّحاب بمرّاكش |
|
طواف الحجيج ببيت الحرم |
يروم نزولا فلا يستطيع |
|
لسفك الدّماء وهتك الحرم |
وحكى المقريزي في ترجمة سيدي عمر بن الفارض ـ أفاض الله علينا من أنواره! ـ أن الشيخ محيى الدين بن العربي بعث إلى سيدي عمر يستأذنه في شرح التائية ، فقال : كتابك المسمى بالفتوحات المكية شرح لها ، انتهى.
وقال بعض من عرّف به : إنه لما صنف «الفتوحات المكية» كان يكتب كل يوم ثلاث كراريس حيث كان ، وحصلت له بدمشق دنيا كثيرة ، فما ادّخر منها شيئا ، وقيل : إن صاحب حمص رتب له كل يوم مائة درهم ، وابن الزكي كل يوم ثلاثين درهما ، فكان يتصدق بالجميع ،
__________________
(١) النحرير : الحاذق الفطن.
(٢) الإكسير : ما يلقى على الفضة وغيرها فتتحول ذهبا ، ذلك من خرافات أصحاب الكيمياء القديمة.
(٣) في ه : الأطروشي.
(٤) في ج : القيداقي.