فقال لي : صدقت ، كلنا ذلك الرجل.
وذكر الإمام العالم بالله تعالى لسان الحقيقة ، وشيخ الطريقة ، صفي الدين حسين بن الإمام العلامة جمال الدين أبي الحسن علي ، ابن الإمام مفتي الأنام كمال الدين أبي منصور ظافر الأزدي الأنصاري رضي الله تعالى عنه في رسالته الفريدة المحتوية على من رأى من سادات مشايخ عصره ، بعد كلام ، ما صورته : ورأيت بدمشق الشيخ الإمام العارف الوحيد محيي الدين بن عربي ، وكان من أكبر علماء الطريق ، جمع بين سائر العلوم الكسبية ، وما وقر (١) له من العلوم الوهبية ، ومنزلته شهيرة ، وتصانيفه كثيرة ، وكان غلب عليه التوحيد علما وخلقا وحالا ، لا يكترث بالوجود ، مقبلا كان أو معرضا ، وله علماء أتباع أرباب مواجيد ، وتصانيف ، وكان بينه وبين سيدي الأستاذ الحرّار (٢) ، إخاء ورفقة في السياحات ، رضي الله تعالى عنهما في الآصال والبكرات (٣) ، ومن نظم سيدي الشيخ محيي الدين رضي الله تعالى عنه قوله : [مجزوء الكامل]
يا من يراني ولا أراه |
|
كم ذا أراه ولا يراني |
وقال رحمه الله تعالى : قال لي بعض إخواني لما سمع هذا البيت : كيف تقول : إنه لا يراك وأنت تعلم أنه يراك؟ فقلت له مرتجلا : [مجزوء الكامل]
يا من يراني مجرما |
|
ولا أراه آخذا |
كم ذا أراه منعما |
|
ولا يراني لائذا |
قلت : من هذا وشبهه تعلم أن كلام الشيخ رحمه الله تعالى مؤوّل ، وأنه لا يقصد ظاهره ، وإنما له محامل تليق به ، وكفاك شاهدا هذه الجزئية الواحدة ، فأحسن الظن به ولا تنتقد ، بل اعتقد ، وللناس في هذا المعنى كلام كثير ، والتسليم أسلم ، والله سبحانه بكلام أوليائه أعلم.
ومن النظم المنسوب لمحاسن الشيخ سيدي محيي الدين رضي الله تعالى عنه في ضابط ليلة القدر : [الطويل]
وإنّا جميعا إن نصم يوم جمعة |
|
ففي تاسع العشرين خذ ليلة القدر |
وإن كان يوم السّبت أوّل صومنا |
|
فحادي وعشرين اعتمده بلا عسر |
__________________
(١) في ب ، ه : وفرّ.
(٢) في ج : الخراز.
(٣) الآصال : جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب.