ثم قال : وما ينسب إلى المشايخ له محامل : الأول أنه لم تصح نسبته إليهم ، الثاني بعد الصحة يلتمس له تأويل موافق ، فإن لم يوجد له تأويل في الظاهر فله تأويل في الباطن لم نعلمه ، وإنما يعلمه العارفون ، الثالث : أن يكون ذلك صدر منهم في حال السكر والغيبة ، والسكران سكرا مباحا غير مؤاخذ ولا مكلف ، انتهى ملخصا.
وممن ذكر الشيخ محيي الدين الإمام شمس الدين محمد بن مسدي في معجمه البديع المحتوي على ثلاث مجلدات ، وترجمه ترجمة عظيمة مطولة أذكر منها أنه قال : إنه كان ظاهري المذهب في العبادات ، باطني النظر في الاعتقادات ، خاض (١) بحار تلك العبارات ، وتحقق بمحيّا تلك الإشارات ، وتصانيفه تشهد له عند أولي البصر بالتقدم والإقدام ، ومواقف النهايات في مزالق الأقدام ، ولهذا ما ارتبت في أمره ، والله تعالى أعلم بسره ، انتهى.
ونقلت من خط ابن علوان التونسي رحمه الله تعالى ، قال الشيخ محيي الدين : [مخلع البسيط]
بالمال ينقاد كلّ صعب |
|
من عالم الأرض والسّماء |
يحسبه عالم حجابا |
|
لم يعرفوا لذّة العطاء |
ولو لا الّذي في النّفوس منه |
|
لم يجب الله في الدّعاء |
لا تحسب المال ما تراه |
|
من عسجد مشرق الضّياء(٢) |
بل هو ما كنت يا بنيّ |
|
به غنيّا عن السّواء |
فكن بربّ العلا غنيّا |
|
وعامل الخلق بالوفاء |
وقال : [السريع]
نبّه على السّرّ ولا تفشه |
|
فالبوح بالسّرّ له مقت(٣) |
على الّذي يبديه فاصبر له |
|
واكتمه حتّى يصل الوقت |
وقال :
قد ثاب غلماننا علينا |
|
فمالنا في الوجود قدر |
أذنابنا صيّرت رؤوسا |
|
مالي على ما أراه صبر |
__________________
(١) في ب ، ه : خاض بحر تلك العبارات.
(٢) في ب ، ه : من عسجد مشرق لراء.
(٣) المقت : أشد البغض.