إياك نعبد شريعة ، وإياك نستعين حقيقة ، إياك نعبد إسلام ، وإياك نستعين إحسان ، إياك نعبد عبادة ، وإياك نستعين عبودية ، إياك نعبد فرق ، وإياك نستعين جمع ، وله في هذا المعنى وغيره كلام نفيس يدل على عظيم ما منحه الله سبحانه من العلوم اللدنية. وقال رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] بالتثبيت (١) فيما هو حاصل ، والإرشاد لما ليس بحاصل (٢) ، وهذا الجواب ذكره ابن عطية في تفسيره ، وبسطه الشيخ رضي الله تعالى عنه ، فقال : عموم المؤمنين يقولون (٣)(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) معناه نسألك التثبيت فيما هو حاصل والإرشاد لما ليس بحاصل ، فإنهم (٤) حصل لهم التوحيد ، وفاتهم (٥) درجات الصالحين ، والصالحون يقولون (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) معناه نسألك التثبيت فيما هو حاصل والإرشاد لما ليس بحاصل ، لأنهم حصل لهم الصلاح ، وفاتهم درجات الشهداء ، والشهداء ، يقولون (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي بالتثبيت فيما هو حاصل ، والإرشاد لما ليس بحاصل ، فإنهم حصلت لهم درجة الشهادة ، وفاتهم درجة الصديقية ، والصديق كذلك يقول (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إذ حصلت له درجة الصديقية ، وفاتته درجة القطبانية (٦) ، والقطب كذلك يقول (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) فإنه حصلت له رتبة القطبانية ، وفاته علم إذا شاء الله تعالى أن يطلعه عليه أطلعه. وقال رضي الله تعالى عنه : الفتوّة الإيمان ، قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً) [الكهف : ١٣]. وقال رضي الله تعالى عنه في قوله سبحانه وتعالى حاكيا عن الشيطان (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) [الأعراف : ١٧] ولم يقل من فوقهم ولا من تحتهم لأن فوقهم التوحيد وتحتهم الإسلام. وقال رضي الله تعالى عنه : التقوى في كتاب الله عز وجل على أقسام : تقوى النار قال الله سبحانه وتعالى (وَاتَّقُوا النَّارَ) [آل عمران : ١٣١] وتقوى اليوم ، قال الله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١] وتقوى الربوبية ، قال الله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) [الحج الآية: ١ لقمان : ٣٢] وتقوى الألوهية (واتقوا الله) وتقوى الإنية (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة الآية : ١٩٧] وقال رضي الله تعالى عنه في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» أي : لا أفتخر بالسيادة ، وإنما الفخر لي بالعبودية لله ، وكان كثيرا ما ينشد : [السريع]
يا عمرو ناد عبد زهراء |
|
يعرفه السّامع والرّائي |
لا تدعني إلّا بيا عبدها |
|
فإنّه أشرف أسمائي |
__________________
(١) في نسخة : بالتثبت.
(٢) في ه : «ليس بحامل» محرفا.
(٣) في ب ، ه : والشهيد يقول :
(٤) في ب : فإنه حصلت له.
(٥) في ب ، ه : وفاته درجة.
(٦) في ب ، ه : وفاتته درجة القطب.