وله : [بحر الكامل]
من ظن أن الدهر ليس يصيبه |
|
بالحادثات فإنه مغرور |
فالق الزمان مهوّنا لخطوبه |
|
وانجرّ حيث يجرك المقدور |
وإذا تقلبت الأمور ولم تدم |
|
فسواء المحزون والمسرور |
وعاش الغزال أربعا وتسعين سنة ، وتوفي في حدود الخمسين والمائتين ، سامحه الله تعالى!.
وكان الغزال أقذع (١) في هجاء علي بن نافع المعروف بزرياب (٢) ، فذكر ذلك لعبد الرحمن ، فأمر بنفيه ، فدخل العراق ، وذلك بعد موت أبي نواس بمدة يسيرة ، فوجدهم يلهجون بذكره ، ولا يساوون شعر أحد بشعره ، فجلس يوما مع جماعة منهم فأزروا بأهل الأندلس (٣) ، واستهجنوا أشعارهم ، فتركهم حتى وقعوا في ذكر أبي نواس ، فقال لهم : من يحفظ منكم قوله : [بحر الطويل]
ولما رأيت الشّرب أكدت سماؤهم |
|
تأبّطت زقّي واحتبست عنائي(٤) |
فلما أتيت الحان ناديت ربّه |
|
فثاب خفيف الروح نحو ندائي |
قليل هجوع العين إلا تعلّة |
|
على وجل مني ومن نظرائي |
فقلت أذقنيها فلما أذاقها |
|
طرحت عليه ريطتي وردائي(٥) |
وقلت أعرني بذلة أستتر بها |
|
بذلت له فيها طلاق نسائي |
فو الله ما برت يميني ولا وفت |
|
له غير أني ضامن بوفائي |
فأبت إلى صحبي ولم أك آئبا |
|
فكلّ يفدّيني وحقّ فدائي |
فأعجبوا بالشعر ، وذهبوا في مدحهم له ، فلما أفرطوا قال لهم : خفضوا عليكم ، فإنه لي ، فأنكروا ذلك ، فأنشدهم قصيدته التي أولها [بحر الطويل] :
تداركت في شرب النبيذ خطائي |
|
وفارقت فيه شيمتي وحيائي |
فلما أتمّ القصيدة بالإنشاد خجلوا ، وافترقوا عنه.
__________________
(١) أقذع في الهجاء : أفحش.
(٢) في ج : «بابن زرياب».
(٣) أزرى به : ازدراه وعابه وحطّ من قيمته.
(٤) الشرب : بفتح الشين وسكون الراء ـ جماعة الشاربين. والزقّ : وعاء من جلد توضع فيه الخمرة.
(٥) الريطة : الثوب الرقيق.