نبت (١) ، فكسرت الصّلب التي نصبت ، ونفّلت التيجان التي عصبت ، ما همت السحب وانسحبت ، وطلعت الشمس وغربت ، والدعاء لمثابتكم العليا بالنصر العزيز كلما جهّزت الكتائب وتكتّبت ، والفتح المبين كلما ركنت عقائل القواعد إذا خطبت ، والصنائع التي مهما حدّقت فيها العيون تعجبت ، أو جالت في لطائفها الأفكار استطابت مذاق الشكر واستعذبت ، حتى تنجز لكم مواعيد النصر فقد اقتربت ، فإنا كتبنا إليكم كتب الله لكم أغيا (٢) ما سألت الألسن السائلة واستوعبت ، من حمراء غرناطة حرسها الله تعالى وجنود الله بفضل الله تعالى ونعمته قد غلبت ، وفتحت وسلبت ، وأسود جهاده قد أردت الأعداء بعد ما كلبت ، ومراعي الآمال قد أخصبت ، والحمد لله حمدا يجلو وجوه الرضا بعد ما احتجبت ، ويفتح أبواب المزيد فكلما استقبلها الأمل رحّبت ، والشكر لله شكرا يقيّد شوارد النعم مما أبقت وما هربت ، وإلى هذا وصل الله لمقامكم أسباب الظهور والاعتلاء ، وعرفكم عوارف الآلاء على الولاء ، فإننا لما ورد علينا كتابكم البر الوفادة الجمّ الإفادة الجامع بين الحسنى والزيادة ، جالي غرة الفتح الأعظم من ثنايا السعادة ، وواهب المنن المتاحة وواصف النعم المعادة ، فوقفنا (٣) من رقّه المنشور على تحف سنية ، وأمانيّ هنية ، وقطاف للنصر جنيّة ، ضمنت سكون البلاد وقرارها ، وأن الله قد أذهب الفتن وأوارها وأخمد نارها ، ونضح عن وجه الإسلام عارها ، وجمع الأهواء على من هويته السعادة بعد أن أجهد اختيارها ، فأصبح الشتيت (٤) مجتمعا ، وجنح الجناح مرتفعا ، والجبل المخالف خاشعا متصدّعا ، وأصحب (٥) في القياد من كان متمنّعا (٦) ، فاستوثقت الطاعة ، وتبجّحت (٧) السنة والجماعة ، وارتفعت الشناعة ، وتمسكت البلاد المكرهة بأذيال وليها لما رأته ، وعادت الأجياد العاطلة إلى حليها بعد ما أنكرته ، أجلنا جياد الأقلام في ملعب الهناء وميدانه ، لأول أوقات إمكانه على بعد مكانه ، وأجهدنا عبارة الكلام في إجلال هذا الصنع وتعظيم شانه ، وأغرينا الثناء بشيم مجدكم في شرحه لنا وبيانه ، رأينا أن لا نكل ذلك
__________________
(١) نبت : بعدت.
(٢) أغيا ما سألت الألس : أي غايته ومنتهاه.
(٣) في ج : فأوقفنا. وفي نسخة أخرى : فوافقنا.
(٤) الشتيت : المشتت ، المتبدّد.
(٥) أصحب : انقاد.
(٦) في ه : ممتنعا.
(٧) تبجّحت : باهت وافتخرت.