من أحوال التشكل الذي يتشكلون به. وفي رواية الزهري أن جبريل قال للنبيصلىاللهعليهوسلم : «لو رأيت إسرافيل إنّ له لاثني عشر ألف جناح وإن العرش لعلى كاهله».
واعلم أن ماهية الملائكة تتحصل فيما ذكره سعد الدين في كتاب «المقاصد» «إنهم أجسام لطيفة نورانية قادرة على التشكلات بأشكال مختلفة ، شأنهم الخير والطاعة ، والعلم ، والقدرة على الأعمال الشاقة ، ومسكنهم السماوات ، وقال : هذا ظاهر الكتاب والسنة وهو قول أكثر الأمة». ا ه. ومعنى الأجسام اللطيفة أنها من قبيل الجوهر لا العرض وأنها جواهر مما يسمى عند الحكماء بالمجردات.
وعندي : أن تعريف صاحب «المقاصد» لحقيقة الملائكة لا يخلو عن تخليط في ترتيب التعريف لأنه خلط في التعريف بين الذاتيات والعرضيات.
والوجه عندي في ترتيب التعريف أن يقال : أجسام لطيفة نورانية أخيار ذوو قوة عظيمة ، ومن خصائصهم القدرة على التشكل بأشكال مختلفة ، والعلم بما تتوقف عليه أعمالهم ، ومقرهم السماوات ما لم يرسلوا إلى جهة من الأرض.
وهذا التشكل انكماش وتقبض في ذرات نورانيتهم وإعطاء صورة من صور الجسمانيات الكثيفة لذواتهم. دل على تشكلهم قوله تعالى لهم يوم بدر (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) [الأنفال : ١٢] ، وثبت تشكل جبريل عليهالسلام للنبيصلىاللهعليهوسلم في صورة دحية الكلبي ، وتشكله له ولعمر بن الخطاب في حديث السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان والساعة في صورة «رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد (أي من أهل المدينة) حتى جلس إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه» الحديث ، وقول النبيصلىاللهعليهوسلم بعد أن فارقهم الرجل «هل تدرون من السائل؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» كما في «الصحيحين» عن عمر بن الخطاب.
وثبت حلول جبريل في غار حراء في بدء الوحي ، وظهوره للنبي صلىاللهعليهوسلم على كرسي بين السماء والأرض بصورته التي رآه فيها في غار حراء كما ذلك في حديث نزول سورة المدثر ، ورأى كثير من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم بدر ناسا لا يعرفونهم على خيل يقاتلون معهم.
وجملة (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن ما ذكر من صفات