والخيرات : جمع خير على غير قياس ، والخير : النافع. والمراد بها هنا الطاعات لأنها أعمال صالحة نافعة لعاملها وللناس بآثارها.
والباء للظرفية ، أي في الخيرات كقوله : (يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [المائدة : ٦٢].
وفي ذكر الخيرات في القسم الآخر دلالة على أنها مرادة في القسمين الأولين فيؤول إلى معنى ظالم لنفسه في الخيرات ومقتصد في الخيرات أيضا ، ولك أن تجعل معنى (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) أنه ناقصها من الخيرات كقوله : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) أي لم تنقص عن معتادها في الإثمار في سورة الكهف [٣٣].
والإذن مستعمل في التيسير على سبيل المجاز ، والباء للسببية متعلقة ب (سابِقٌ) ، وليس المراد به الأمر لأن الله أمر الناس كلهم بفعل الخير سواء منهم من أتى به ومن قصّر به.
ولك أن تجعل الباء للملابسة وتجعلها ظرفا مستقرا في موضع الحال من (سابِقٌ) أي متلبسا بإذن الله ويكون الإذن مصدرا بمعنى المفعول ، أي سابق ملابس لما أذن الله به ، أي لم يخالفه.
وعلى الوجه الأول هو تنويه بالسابقين بأن سبقهم كان بعون من الله وتيسير منه.
وفيما رأيت من تفسير هذه المراتب الثلاث في الآية المأخوذ من كلام الأئمة ، مع ضميمة لا بد منها. تستغني عن التيه في مهامه أقوال كثيرة في تفسيرها تجاوزت الأربعين قولا.
والإشارة في قوله : (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) إلى الاصطفاء المفهوم من (اصْطَفَيْنا) أو إلى المذكور من الاصطفاء وإيراث الكتاب.
و (الْفَضْلُ) : الزيادة في الخير ، و (الْكَبِيرُ) مراد به ذو العظم المعنوي وهو الشرف وهو فضل الخروج من الكفر إلى الإيمان والإسلام. وهذا الفضل مراتب في الشرف كما أشار إليه تقسيم أصحابه إلى : ظالم ، ومقتصد ، وسابق. وضمير الفصل لتأكيد القصر الحاصل من تعريف الجزأين ، وهو حقيقي لأن الفضل الكبير منحصر في المشار إليه بذلك لأن كل فضل هو غير كبير إلّا ذلك الفضل.