وسكناتها وليس لذلك ضابط مطرد ولكنه مما يرجع فيه إلى ذوق الفصحاء. وقد حاول ابن سنان الخفاجي إرجاعه إلى تقارب مخارج الحروف فردّه ابن الأثير عليه بما لا مخلص منه.
وإذا اقتضى الحال من حقّ البلاغة إيثار كلمة بالذكر إذ لا يعدلها غيرها فعرض من تصاريفها عارض ثقل لا يكون حقّ مقتضى الحال البلاغي موجبا إيرادها.
و (أَنْ) تفسيرية ، فسرت إجمال العهد لأن العهد فيه معنى القول دون حروفه ف (أَنْ) الواقعة بعده تفسيرية.
وعبادة الشيطان : عبادة ما يأمر بعبادته من الأصنام ونحوها.
وجملة (لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) تعليل لجملة (لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) وقد أغنت (أَنْ) عن فاء السببية كما تقدم غير مرة.
و (مُبِينٌ) اسم فاعل من أبان بمعنى بان للمبالغة ، أي عداوته واضحة ، ووجه وضوحها أن المرء إذا راقب عواقب الأعمال التي توسوسها له نفسه واتهمها وعرضها على وصايا الأنبياء والحكماء وجدها عواقب نحسه ، فوضح له أنها من الشيطان بالوسوسة وأن الذي وسوس بها عدوّ له لأنه لو كان ودودا لما أوقعه في الكوارث ولا يظن به الإيقاع في ذلك عن غير بصيرة لأن تكرر أمثال تلك الوساوس للمرء ولأمثاله ممن يبوح له بأحواله يدل ذلك التكرر على أنها وساوس مقصودة للإيقاع في المهالك فعلم أن المشير بها عدوّ ألد ، ولعل هذا المعنى هو المشار إليه بقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ).
وجملة (وَأَنِ اعْبُدُونِي) عطف على (أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) بإعادة (أَنِ) التفسيرية فهما جملتان مفسرتان لعهدين.
وعدل عن الإتيان بصيغة قصر لأن في الإتيان بهاتين الجملتين زيادة فائدة لأن من أهل الضلالة الدهريين والمعطلين فهم وإن لم يعبدوا الشيطان ولكنهم لم يعبدوا الله فكانوا خاسئين بالعهد.
والإشارة في قوله : (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) للعهد المفهوم من فعل (أَعْهَدْ) أو للمذكور في «تفسيره» من جملتي (لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ وَأَنِ اعْبُدُونِي) ، أي هذا المذكور صراط مستقيم ، أي كالطريق القويم في الإبلاغ إلى المقصود. والتنوين للتعظيم.