الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك. فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ، ولم يكونا ليفعلاه ، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ الله) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي ثمّ قال : الرجس هو الشك ، والله لا نشك في ربّنا أبداً» (١).
وينبغي التوجه إلى نقطتين مهمتين توضحهما هذه الرواية :
أولاهما : انّها تجيب عن سؤال ربّما طرحه البعض ، وهو أنّه لو كانت الإمامة بتلك الأهمية فلما ذا لم ينص القرآن عليها؟ ولمَ لم يذكر القرآن أسماء الأئمّة حتى يرتفع الشك والتردد بصورة قاطعة ، ولا يضل الناس؟
والرواية تجيب بأنّه كما نزل أصل وجوب الصلاة والزكاة والحج في القرآن ولم يبيّن فيه تفاصيل الأحكام ، فكذلك الحال في الإمامة حيث نزل وجوب الطاعة للأئمّة وأُولي الأمر ، وأوكل تعيين أسمائهم إلى النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وقد قام بذلك خير قيام.
وثانيتهما : أن قضية الإمامة ونصب الإمام هي أمر إلهي لا يرتبط بقضية الوراثة ، أو إرادة الإمام السابق في تعيين اللاحق ، فإنّه لا يستطيع ولم يكن ليفعل أن يغيّر مجراها عمّا هو عليه من النصب الإلهي. وفي هذه القضية كما أنّ أمير المؤمنين قد نصب نصباً إلهياً ، فكذلك زين العابدين علي بن الحسين والباقر محمد بن علي (عليهم السّلام) ، من دون فرق في هذه الجهة ممّا يرد بذلك على دعوى المشكَّكين بأنّ النص إنّما هو على الثلاثة الأوائل من الأئمّة.
ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن
__________________
١) الكافي : ج ١ ، ص ٢٨٦.