الحالة الجارية في سلوك المصلحين والرساليين حتّى الأتقياء منهم في انحراف خطواتهم العملية عن الخطَّ الرسالي .. «إلخ.
باسمه تعالى إذا أمكن خطأ النبي في تبليغ آية أو نسيانها جاء احتمال الخطأ والنسيان في تصحيحه بعد ذلك أيضاً ، وهذا مستلزم لبطلان النبوّة ، لأنّ النبوّة تستلزم العصمة كما يدلّ عليه قوله تعالى (وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
وأمّا الشقّ الثاني من الكلام فهو باطل لأنّ مقتضى عصمة النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أن لا يتصدّى يسعى لأيّ عمل إلَّا إذا كان مطابقاً للوظيفة الشرعية ، ولا يصدر منه أيّ أمر أو أيّ نهي إلَّا إذا كان مطابقاً للوحي كما هو مفاد الآية المباركة (ولَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأَقاوِيلِ. لأَخَذْنا مِنْه بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْه الْوَتِينَ) (٢). والنتيجة أنّ هذه المقالة مخالفة لعقيدة الشيعة.
ما هو رأيكم الشريف فيمن يردّ على الشيخ المفيد (رحمه الله) قوله باختيارية العصمة لينصر مقولته في كون العصمة جبرية ، فيقول ما نصّه : «إنّ الأُسلوب في الحديث عن اختيارية العصمة مع الالتزام بأنّها ناشئة من فعل الله التكويني بنبيّه أو وليّه لا يمثّل إلَّا مفهوماً ينطلق من الجمع في الدليل بين وجوب العصمة ولزوم الاختيار ، لا من دراسة دقيقة لنوعية الصورة الواقعية للجمع بين الأمرين».
ثمّ قال : «.. ما هو المانع من اختيار الله بعض عباده ليكونوا معصومين باعتبار حاجة الناس إليهم في ذلك؟ وما هي المشكلة في ذلك انطلاقاً من مصلحة عباده؟ وإذا كان هناك إشكال من ناحية استحقاقهم الثواب على أعمالهم إذا لم تكن اختيارية لهم ، فإنّ الجواب عليه هو أنّ الثواب إذا كان على نحو التفضّل في جعل الحقّ
__________________
١) سورة النجم : الآية ٣.
٢) سورة الحاقّة : الآيات ٤٤ ـ ٤٦.