بيّن بطلان هذه القضية بهذا البيان ؛ أي إنّ أبا هريرة راوي الحديث لم يلتق بذي اليدين المروي عنه حتى ينقل عنه ، فإنّه أسلم في السنة السابعة من الهجرة ، ومات ذو الشمالين في السنة الثانية كما قدّمنا ، مضافاً إلى كون ذي اليدين مجهول الحال (١).
قالوا : لا عيب في ذلك ، فإن أبا هريرة كان كافراً حين وقوع الحدث ثمّ أسلم ، فروى الواقعة أبو هريرة عنه بواسطة أحد الصحابة بأن ذا الشمالين قال كذا وكذا ..
ولكن هذا الجواب غير منسجم مع ما في متن الرواية المنقولة عن أبي هريرة ، فإنّ فيها : «عن أبي هريرة قال : صلَّى بنا رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين سماها أبو هريرة ولكن نسيت فصلَّى بنا ركعتين ثمّ سلم ..» (٢).
وأمّا دعوى الصدوق (رحمه الله) بأن ذا اليدين رجل معروف وقد روى عنه المؤالف والمخالف .. إلى آخر كلامه ، فقد أجيب عنها : بأنّه لم يرو عنه أحد من أصحابنا أبداً ، ولم يذكر في كتبنا الرجالية أصلًا ، ولم يصنّف عندهم في الرواة ، وأنّ هذه الرواية التي تعرضت لذكره إنما رويت من طرقنا عن الأئمة (عليهم السّلام) بنحو التقية. بل قيل والعهدة على الناقل فإنّي لم أفحص عنه في كتب العامة : إن هذا الرجل غير موجود حتى في تراجم رجال العامة (٣) ، ولم توجد رواية كان هو الراوي لها ، فكيف يقول الصدوق
__________________
١) ربما يقال : بأنّ جهالة ذي الشمالين غير مضرة في قبول الحديث؛لأنّه لم يكن راوياً للحديث وإنما نقل عنه ما قاله للرسول (صلّى اللّٰه عليه وآله وسلّم). فيقال : إن ضرر الجهالة هنا ليس من جهة كونه راوياً أو غير رأو ، بل من حيث إنّه الرجل الوحيد الذي ردَّ على الرسول وفي المسجد كبار الصحابة والهاشميين ، ممّا يوحي إلى أنّه الملتفت في ذلك الجمع لا غيره مع احتمال أنّه أحد الأعراب.
٢) البخاري : الحديث رقم ٤٦٠ ، كتاب الصلاة.
٣) أمّا الروايات فقد بحثتُ في كتبهم التسعة في الحديث المعتبرة عندهم بواسطة الكمبيوتر فلم أر رواية