صلّيت المغرب حتى اُريكه » قال : فرجع إليه بعد المغرب ، فأخذ بيده وأخرجه إلى مسجد قبا ، فإذا هو برسول الله صلىاللهعليهوآله جالس في القبلة ، فقال له : « يا فلان وَثَبْتَ على مولاك علي عليهالسلام وجلست مجلسه ، وهو مجلس النبوّة ، لا يستحقّه غيره ، لأنّه وصييّ وخليفتي ، فنبذت أمري وخالفت ما قلته لك ، وتعرّضت لسخط الله وسخطي ، فانزع هذه السربال (١) الذي تسربلته بغير حقّ ، ولا أنت من أهله ، وإلاّ فموعدك النار ».
قال : فخرج مذعوراً (٢) ليسلّم الأمر إليه ، وانطلق أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحدّث سلمان بما كان وما جرى ، فقال له سلمان : ليُبدينّ هذا الحديث لصاحبه وليخبرنّه بالخبر ، فضحك أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : « أما إنّه سيخبره وليمنعنّه إن همّ بأن يفعل ، ثمّ قال : لا والله لا يذكران ذلك أبداً حتى يموتا ».
قال : فلقى صاحبه فحدّثه بالحديث كلّه ، فقال له : ما أضعف رأيك وأخور (٣) عقلك (٤) ، أما تعلم أنّ ذلك من بعض سحر ابن أبي كبشة (٥) ، أنسيت سحر بني هاشم ،
__________________
١ ـ السربال : القميص والدرع ، وكلّ ما لُبس فهو سربال ، وكنّي به عن الخلافة. لسان العرب ١١ : ٣٣٥ ـ سربل.
٢ ـ الذُعر : الخوف والفزع. انظر العين ح ٢ : ٦٦٣ ، القاموس المحيط ٢ : ٣٤ ـ ذعر.
٣ ـ الخَوَر : الضعف. لسان العرب ٤ : ٢٦٢. خور.
٤ ـ في نسخة « س » : قلبك.
٥ ـ ابن أبي كبشة : رجل من خزاعة خالف قريشاً في عبادة الأوثان وعبد الشعرى العبور ، فسمّى المشركون سيّدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ابن أبي كبشة لخلافه إيّاهم إلى عبادة الله تعالى ، تشبيهاً به ، كما خالفهم أبو كبشة إلى عبادة الشعرى ، وقال آخرون : أبو كبشة كنية وهب بن عبدمناف جدّ سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله من قبل اُمّه فنسب إليه لأنّه كان نزع إليه في الشبه.
وقيل : إنّما قيل له ابن أبي كبشة لأنّ أبا كبشة كان زوج المرأة التي أرضعته صلىاللهعليهوآله . اُنظر لسان العرب ٦ : ٣٣٨ ـ كبش.