فلمّا انصرف قال : « يا معتّب ترى هذا الموضع؟ » قلت : نعم ، قال : « بينا أبي عليهالسلام قائم يصلّي في هذا المكان ؛ إذ دخل شيخ يمشي ، حسن السمت فجلس ، فبينا هو جالس إذ جاء رجل أدِم حسن الوجه والسمت ، فقال للشيخ : ما يُجلسك؟ ليس بهذا اُمرت ، فقاما وانصرفا وتواريا عنّي فلم أرَ شيئاً.
فقال لي أبي : يا بني هل رأيت الشيخ وصاحبه؟ قلت : نعم ، فمن الشيخ ومن صاحبه؟ قال : الشيخ ملك الموت ، والّذي جاء وأخرجه جبرئيل عليهالسلام » (١).
[ ٣٤٨ / ٣٧ ] وروى جماعة ، عن الشيخ أبي جعفر بن بابويه ، أخبرنا أبي ، أخبرنا سعد بن عبدالله ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، أخبرنا الحسين بن سعيد ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي جعفر عليهالسلام : « أنّ رجلاً قال لعليّ عليهالسلام : يا أمير المؤمنين لو أريتنا ما نطمئنّ به ، ممّا أنهى إليك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : لو رأيتم عجيبة من عجائبي لكفرتم وقلتم : إنّي ساحر كذّاب وكاهن ، وهو من أحسن قولكم ، قالوا : ما منّا أحد إلاّ وهو يعلم أنّك ورثت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وصار إليك علمه ، قال : علم العالم شديد ، لا يحتمله إلاّ مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وأيّده بروح منه ».
ثمّ قال : « إذا أبيتم إلاّ أن اُريكم بعض عجائبي ، وما آتاني الله من العلم ، فاتّبعوا أثري إذا صلّيت العشاء الآخرة ، فلمّا صلاّها أخذ طريقه إلى ظهر الكوفة (٢) ، فاتّبعه سبعون رجلاً ـ كانوا في أنفسهم خيار الناس ـ من شيعته.
فقال لهم عليّ عليهالسلام : إنّي لست اُريكم شيئاً حتى آخذ عليكم عهد الله وميثاقه ،
__________________
١ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٧٥٩ / ٧٣ ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات : ٢٣٣ / ١ ، باختلاف يسير.
٢ ـ وهو النجف الأشرف حالياً.