عن معلّى بن محمّد ، قال : سئل العالم عليهالسلام كيف علم الله؟ قال : « عَلِمَ وشاء ، وأراد وقدّر ، وقضى وأبدا ، فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر ، وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء.
فالعلم متقدّم على المشيئة ، والمشيئة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فلله تبارك تعالى البداء فيما عَلِم متى شاء ، وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء ، فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشيئة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وقياماً ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المعقولات (١) ، وذوات الأجسام المدركات بالحواسّ من ذي لون وريح ، ووزن وكيل ، ومادبّ ودرج ، من إنس وجنّ ، وطير وسباع ، وغير ذلك ممّا يدرك بالحواسّ.
فلله تبارك وتعالى فيه البداء ممّا لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء ، والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم عَلِمَ الأشياء قبل كونها ، وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها ، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتقدير قدّر أقواتها ، وعرف أولها وآخرها ، وبالقضاء أبان (٢) للناس أماكنها ودلّهم عليها ، وبالإمضاء شرح عِلَلها وأبان أمرها ، وذلك تقدير العزيز العليم » (٣).
__________________
١ ـ في المصدر : المفعولات.
٢ ـ في نسخة « س » أنار.
٣ ـ التوحيد : ٣٣٤ / ٩ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٤٨ / ١٦.