دخلت على الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، فقلت : يابن رسول الله إنّي دخلت على مالك (١) وعنده جماعة يتكلّمون في الله ، فسمعت بعضهم يقول : إنّ لله تبارك وتعالى وجهاً كالوجوه ، وبعضهم يقول : له يدان ، واحتجّوا بقول الله سبحانه وتعالى ( بيديّ استكبرت أم كنت من العالين ) (٢) وبعضهم يقول : هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة ، فما عندك في هذا يابن رسول الله؟.
قال : وكان متّكئاً فاستوى جالساً وقال : « اللهم عفوك عفوك ».
ثمّ قال : « يا يونس من زعم أنّ له وجهاً كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أنّ لله جوارح كجوارج المخلوقين فهو كافر بالله ، فلا تقبلوا شهادته ، ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخـلوقين ، وجه الله أنبـياؤه وأولياؤه.
وقوله تعالى ( خلقت بيديّ ) (٣) فاليد القدرة ، وقوله تعالى ( هو الذي أيّدك بنصره ) (٤) فمن زعم أنّ الله في شيء ، أو على شيء ، أو يخلو منه شيء ، أو يشغل به شيء ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كلّ شيء ، لا يقاس بالقياس ، ولا يشبّه بالناس ، ولا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، ذلك الله ربّنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبّه ووصفه بهذه الصفة فهو من الموحّدين ، ومن وصفه بغير هذه الصفة فالله بري منه ونحن براء منه ».
ثمّ قال عليهالسلام : « إنّما اُولوا الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حبّ
__________________
١ ـ الظاهر هو مالك بن أنس أحد أئمة المذاهب الأربعة.
٢ و ٣ـ سورة ص ٣٨ : ٧٥.
٤ ـ الانفال ٨ : ٦٢.