الكتاب والسنّة ، وليس فيه منافاة للعقول المستصبحة بنور هدى آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم ، وعلومهم التي خصّهم بها ربّهم ، وأمر من سواهم بسؤالهم كما قال تعالى ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) (١) فهم أهل الذكر ، والذكر هنا محمّد صلىاللهعليهوآله بنصّ الصادق عليهالسلام (٢) ، وهو التصديق بقضاء الله وقدره والرضا بهما ، ففي الحديث القدسي المرويّ : « من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر على نعمائي فليتخذ ربّاً (٣) سواي » (٤) وهو من أسرار الله سبحانه التي لم يطّلع عليها سواه ، أو من أراد من حججه من أراد.
[ ٤٤٢ / ٤ ] وبالإسناد المتقدّم المتصل إلى الصدوق محمّد بن علي بن بابويه رحمهالله عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في القدر : « ألا إنّ القدر سرّ من سرّ الله ، وستر من ستر الله ، وحرز من حرز الله ، مرفوع في حجاب الله ، مطويّ عن خلق الله ، مختوم بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله العباد عن علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم ؛ لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانيّة ، ولا بقدرة الصمدانيّة ، ولا بعظمة النورانيّة ، ولا بعزّة الوحدانية ، لأنّه بحر زاخر خالص لله عزّ وجلّ ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيّات والحيتان ، يعلو مرّة ، ويسفل اُخرى ، في قعره شمس تضيء ، ولا ينبغي أن يطّلع إليها إلاّ الواحد الفرد ، فمن تطلّع إليها فقد ضادّ الله في حكمه ، ونازعه في
__________________
١ ـ النحل ١٦ : ٤٣.
٢ ـ الكافي ١ : ٢١٠ / ١ و ٢ و ٤ ، وانظر نظيره في تفسير البرهان ٣ : ٤٢٣ ـ ٤٢٨.
٣ ـ في نسخة « ض و ق » : إلهاً.
٤ ـ دعوات الراوندي : ١٦٩ / ٤٧١ ، روضة الواعظين : ٣٠.