ومنها : حاجة أهل الفقر والمسكنة واضطرارهم ، ففي الباطن من الله سبحانه ، لأنّه هو المغني المفقر بالإجماع ، لأنّه سبحانه وتعالى الخالق الرازق ، المغني المفقر ، ومن ادّعى سواه كفر به ، وفي الظاهر ما ورد في الحديث : « ما جاع فقير إلاّ بما مُتّع به غني » (١) ويسمّى الغني : قاتل الفقير إذ منعه حقّه ، ويعاقب عليه لاختياره لذلك ولا منافاة بينهما.
ومنها : قتل المقتول ، ففي الباطن ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكّل بكم ) (٢) وهو عبد مأمور لا يتوفّى نفساً إلاّ بإذن ربّه سبحانه ، وفي الظاهر : القاتل الذي تولّى إزهاق نفس المقتول هو الفاعل للقتل ، وباختياره فعله ، ثمّ يثاب أو يعاقب أو يكون مباحاً ، ولا ينافي باطن هذا الأمر ظاهره.
ومنها : الغلاء بسبب الاحتكار ، ففي الباطن هو سبحانه المغلّي والمرخّص للأسعار ؛ لأنّه قسّم أرزاق عباده على السعة والضيق ، ففي الحديث عن الرسول صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « لقد نفث الروح الأمين في روعي أنّه لن تموت نفس حتى تستكمل ما كتب لها » (٣) ولا يجوز أن ينسب الرزق إلاّ إليه سعته وضيقه ، وإن كان في الظاهر يُلام المحتكر ويذّم ويعاقب ، لأنّه اختار الاحتكار على البيع ، ولا منافاة بين هذين الأمرين.
ومنها : الأمر الجليل الكبير الذي أمر الله عباده بالإقرار به وتصديقه ، لنصّ الكتاب العزيز عليه ، وورود الأحاديث الصحيحة به ، ولا يجوز ردّ ما ثبت في
__________________
١ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٣١ / ٣٢٨.
٢ ـ السجدة ٣٢ : ١١.
٣ ـ الكافي ٢ : ٧٤ / ٢ ، وفيه : حتى تستكمل رزقها.