ظهره واجعل القبلة في ظهرك ، ثمّ ادع وحش الجبل تجبك ، فإذا أجابتك فاعمد إلى جفرة (١) منهنّ اُنثى ـ وهي التي تدعى الجفرة حين ناهد (٢) قرناها الطلوع ـ تشخب أوداجها دماً ، وهي التي لك ، فمر ابن عمّك فليقم إليها فليذبحها وليسلخها من قبل الرقبة ويقلب داخلها ، فإنّه سيجدها مدبوغة.
وساُنزل عليك الروح الأمين وجبرئيل معه دواة وقلم ومداد ، ليس هو من مداد الأرض ، يبقى المداد ويبقى الجلد ، لا تأكله الأرض ولايبليه التراب ، لايزداد كلّما نُشر إلاّ جدة ، غير أنّه محفوظ مستور ، يأتيك علم وحي بعلم ما كان وما يكون اليك ، وتمليه على ابن عمّك ، وليكتب وليستمدّ من تلك الدواة.
فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى انتهى إلى الجبل ، ففعل ما أمره الله تعالى به وصادف ما وصف له ربّه ، فلمّا ابتدأ عليٌّ عليهالسلام في سلخ الجفرة نزل جبرئيل والروح الأمين وعدّة من الملائكة ـ لايحصي عددهم إلاّ الله ، ومن حضر ذلك المجلس ـ بين يديه ، وجاءته الدواة والمداد خضر كهيئة البقل وأشدّ خضرة وأنور.
ثمّ نزل الوحي على محمّد صلىاللهعليهوآله ، وكتب علي عليهالسلام ، إلاّ أنـّه يصف كلّ زمان وما فيه ، ويخبره بالظهر والبطن ، وأخبره بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وفسّر له أشياء لايعلم تأويلها إلاّ الله والراسخون في العلم ، ثمّ أخبره بكلّ عدوّ يكون لهم في كلّ زمان من الأزمنة حتّى فهم ذلك كلّه وكتبه.
ثمّ أخبره بأمر ما يحدث عليه وعليهم من بعده ، فسأله عنها ، فقال : الصبر
__________________
١ ـ الجفر : إذا بلغ ولد المعزى أربعة أشهر وجَفَرَ جنباه وفُصل عن اُمّه وأخذ في الرعي ، فهو جفر ، والجمع أجفار وجِفَار وجَفَرة ، والاُنثى جَفْرَةٌ. لسان العرب ٤ : ١٤٢ ـ جفر.
٢ ـ ناهد : أشرف. الصحاح ٢ : ٥٤٥ ـ نهد.