فحجّ عن أبيك. (١)
وقد استدلّ بهذا الحديث بصوره المختلفة الّتي رواها النسائي وغيره ، على حجّية القياس.
يقول السرخسي : هذا تعليم المقايسة وبيان لطريق إعمال الرأي. (٢)
وقال الآمدي : إنّه ألحق دَيْن الله بدَيْن الآدمي في وجوب القضاء ونفعه ، وهو عين القياس. (٣)
يلاحظ على الاستدلال بهذا الحديث بصوره المختلفة بوجهين :
الأوّل : أنّ القياس الوارد في كلام النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من باب القياس الأولوي ، وذلك لأنّه إذا وجب الوفاء بحقوق الناس حسب النص فحقوق الله أولى بالقضاء والوفاء كما نصّ به النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في الحديث وأين هذا من مورد النزاع؟! وقد تقدّم أنّ القياس الأولويّ عمل بالنصّ ، لأنّه مدلول عرفي وليس عملاً بالقياس.
الثاني : أنّ القياس من أقسام الاستنباط وهو استخراج حكم الفرع من الأصل بالدقّة وإعمال النظر وبعد التأنّي والتفكير ، وذلك لأنّ الحكم يكون في الأصل منصوصاً ، وفي الفرع غير منصوص ، فيُستنبط حكم الفرع من دليل الأصل بفضل القياس.
ولكن المقام يفقد هذا الشرط ، فإنّ الأصل والفرع على صعيد واحد داخلان تحت ضابطة واحدة ، وهي وجوب قضاء الدين.
فإنّ اسم الدين يقع على الحجّ كوقوعه على المال ، فإذا كان كذلك دخل في
__________________
(١) (المصدر نفسه.)
(٢) (أُصول الفقه : ١٣٠ / ٢.)
(٣) الإحكام : ٧٨ / ٣.