٢
الاستحسان
الاستحسان من مصادر التشريع لدى المالكيّة ، وقد روي عن الإمام مالك أنّه قال : «الاستحسان تسعة أعشار العلم» ، خلافاً للشافعي فرفضه وقال : «من استحسن فقد شرّع» ، وربما يُفصّل بين الاستحسان المبنيّ على الدليل ، والاستحسان المبنيّ على الهوى والرأي ، ومع كونه أصلاً معتبراً لدى المالكيّة وغيرهم ، فلم يُعرَّف بوجه يكون مثلَ القياس ، واضحَ المعالم ، فإنّ الاستحسان ضد الاستقباح ، وتعالى التشريع الإسلامي أن يكون تابعاً لاستحسان إنسان أو استقباحه من دون أن يكون له رصيد من الشرع والعقل ، ولا يصحّ الإفتاء إلّا بما دلّ الدليل القطعي على حجّيته ، والاستحسان بما هو هو ، ليس عِلْماً ولا ظنّاً يدلّ دليل قطعي على حجّيته ، كلّ ذلك يبعثنا إلى تحقيق مراد القائلين من كونه دليلاً فقهياً كسائر الأدلّة ، واللازم هو الإمعان في موارد استعماله.
أقول : مع ما عُرّف الاستحسان بتعاريف كثيرة أكثرها خاضعة للسجع دون بيان الواقع نظير ما يحكى عن الصاحب بن عبّاد الذي كتب إلى عامله بقم بقوله :
أيّها العامل بقم ، قد عزلناك فقم