مصلحة صالحة لأن يبنى عليها الاستنباط. (١)
وقد أوضحها المتأخّرون من الأُصوليّين بأمثلة :
أ. المصلحة الّتي اقتضت أنّ الزواج الّذي لا يثبت بوثيقة رسمية ، لا تسمع الدعوى به عند الإنكار.
ب. المصلحة الّتي اقتضت أنّ عقد البيع الّذي لا يسجل ، لا ينقل الملكية.
قال عبد الوهاب خلّاف بعد ذكر المثالين : فهذه كلّها لم يشرع الشارع أحكاماً لها ولم يدلّ دليل منه على اعتبارها أو إلغائها فهي مصالح مرسلة. (٢)
ج. ما إذا صال الكفّار علينا متترّسين بأسارى المسلمين وقطعنا بأنّنا لو امتنعنا عن قتل الترس لصدمونا ، واستولوا على ديار المسلمين وقتلوا المسلمين كافّة ، ولو رمينا الترس لقتلنا مسلماً معصوماً من غير ذنب صدر منه ، فإن قتل الترس ، والحالة هذه مصلحة مرسلة ، لكونه لم يعهد في الشرع جواز قتل مسلم بلا ذنب.
ولا دليل أيضاً على عدم جواز قتل المسلم في سبيل تحقيق مصلحة للمسلمين ، بل إنّ التحقيق يؤدّي إلى أنّ هذا الأسير مقتول بكلّ حال ، فحفظ جماعة المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلم واحد ؛ لأنّ مقصود الشرع تقليل القتل ، كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان ، فإن لم نقدر على الحسم قدرنا على التقليل. (٣)
د. لو اشتغل الجنود بالكسب لخيف دخول الكفّار بلاد الإسلام أو خيف
__________________
(١) (مصادر التشريع : ٧٣.)
(٢) (علم أُصول الفقه : ٩٤.)
(٣) أُصول الفقه الإسلامي : ٧٥٩ / ٢.