وهو نفس «بيع العينة» وعُرّف : ان يبيع شيئاً من غيره بثمن مؤجّل ويسلّمه إلى المشتري ثمّ يشتريه قبل قبض الثمن ، بثمن نقد أقل من ذلك القدر. (١)
وعلى هذا : يكون البحث في هذا الفصل غير مركّز على حكم مقدّمة الحرام بما هي هي ، بل يكون مركّزاً على حكم قسم واحد وهو ما قصد بالمقدّمة ، التوصّل إلى الحرام ، دون ما لم يُقصد ، وعندئذ كلّ من قال بسدّ الذرائع يجب أن يقول بمنع فتحها ، لأنّ الذرائع في ذلك الفصل الّذي يجيء البحث عنه عبارة عن الأُمور المحللة ، ولكن المكلّف يقصد بها التوصّل الحرام ، وكأنّه يأخذ الأمر الحلال واجهة لارتكاب الحرام.
ومع ذلك يمكن أن يقال : الموضوع مطلق مقدّمة الحرام سواء قصد بها التوصل إلى الحرام أو لا ، بشهادة الاستدلال في المقام بالنهي عن سبّ آلهة المشركين ، لأنّها مقدّمة لسب إله الموحّدين ، ومن المعلوم أنّ سبّهم ليس لغاية أمر حرام وإنّما ينتهي إليه ، ومثلها النهي عن خطاب النبي ب «راعنا» مع أنّ القائل لا يقصد به التوصّل إلى الحرام وإنّما ينتهي إليه ، فيكون الموضوع الشيء المفضي إلى مقصد ممنوع ، سواء أكان هناك قصد أو لا.
ويؤيّد ما ذكرنا من أنّ مصب البحث هو مطلق المفضي إلى الحرام ما ذكره الباحث محمد سلّام مذكور في المدخل لدراسة الفقه الإسلامي قال : «الذرائع إذا كانت تفضي إلى مقصد هو قربة وخير أخذت الوسيلة حكم المقصد ، وإذا كانت تفضي إلى مقصد ممنوع هو مفسدة أخذت حكمه ؛ ولذا فإنّ الإمام مالكاً يرى أنّه يجب فتح الذرائع في الحالة الأُولى ، لأنّ المصلحة مطلوبة ، وسدّها في الحالة الثانية ، لأنّ المفاسد ممنوعة». (٢)
__________________
(١) (الموسوعة الفقهية الكويتية : ٢٠٧ / ٥.)
(٢) المدخل للفقه الإسلامي : ٢٦٦.