نعم خسر الفقه الإسلامي في هذا المجال أكثر من سائر الموضوعات ، فصارت نتيجة ذلك أنّه لم يدوّن من الحديث النبوي حول الشريعة والأحكام العملية إلّا قرابة ٥٠٠ حديث ، تمدّها روايات موقوفة لم تثبت نسبتها إلى النبي الأكرم قال السيّد محمد رشيد رضا : إنّ أحاديث الأحكام الأُصول خمسمائة حديث تمدّها أربعة آلاف فيما أذكر. (١)
فصار ذلك ذريعة لتوهّم قصور الشريعة عن تبيين أحكام قسم من الموضوعات الموجودة في عصر الرسول أو المستجدة بعده.
وحصيلة الكلام : أنّ منع تدوين الحديث ، هو أحد السببين لظاهرة فقدان النص في قسم كبير من الموضوعات الفردية أو الاجتماعية ، ولو لم يكن هناك حظر عن تدوينه لما التجأ الفقهاء إلى قواعد وضوابط قلّما يوجد لها رصيد في الكتاب والسنّة.
فمن جانب وقف الفقهاء الأوائل على أنّه سبحانه أكمل دينه وأتمّ نعمته ، ومن جانب آخر لم يجدوا حلولاً في الكتاب والسنّة لموضوعات مستجدة ، بل الموجودة في عصر الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وهذا ما دفعهم إلى اختراع قواعد وضوابط سيوافيك بيانها ، وبذلك عالجوا ما لا نصّ فيه بقواعد ، جوهرها انطباعات شخصية من الكتاب والسنّة.
__________________
(١) الوحي المحمدي : ١٨٧ ١٨٨.