جانب المسيح إلى أنطاكية وليس علة للحكم ، وإلّا يجب أن يكون رأي كلّ مجتهد لم يسأل أجراً حجة على سائر المجتهدين ، وهو كما ترى.
أضف إلى ذلك أنّ المراد من الاتّباع هو الاتّباع في التوحيد ورفض الوثنية ، لا الاتّباع في الفروع الفقهية الّتي لم يكن فيها أثر لدى الرسل الثلاثة.
الدليل الخامس
قوله سبحانه : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ). (١)
وكلّ من الصحابة منيب إلى الله فيجب اتّباع سبيله ، وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله. (٢)
يلاحظ عليه : أنّ ما استدلّ به خطاب من الله للإنسان ورد في ثنايا وصايا لقمان لابنه ، حيث قال تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). (٣)
إنّه سبحانه يحذر عن متابعة طائفة ويأمر بمتابعة طائفة.
الأُولى : المشركون ، وفي طليعتهم الوالدان المشركان ويقول : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).
الثانية : من رجع من الشرك إلى التوحيد كما قال سبحانه : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ
__________________
(١) (لقمان : ١٥.)
(٢) (نفس المصدر : ١٣٠ / ٤.)
(٣) لقمان : ١٥.