٣. ويكفي في الإشارة إلى أهميّة الفهم العرفي أنّ القرآن الكريم قد أنزل بلسان قوم النبي وقال سبحانه : (ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ...) (١) ، فنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين ، وهو كتاب عالمي حجّة على الناس على ضوء ما يدركه العربي الصميم في عصر النزول ، فالخطابات القرآنية حجّة للأجيال المتأخّرة على نفس القياس.
ويكفي في أهمية الموضوع أنّ قسماً من الخلافات بين الفقهاء يرجع إلى الاختلاف في ما هو المفهوم من الكتاب والسنّة عند العرف.
يقول الإمام الخميني في بيان شرائط الاجتهاد : «الأنس بالمحاورات العرفية ، وفهم الموضوعات العرفية ممّا جرت محاورة الكتاب والسنّة على طبقها والاحتراز عن الخلط بين دقائق العلوم والعقليات الرقيقة ، وبين المعاني العرفية العادية ، فإنّه كثيراً ما يقع الخطأ لأجله كما يتّفق كثيراً لبعض المشتغلين بدقائق العلوم الخلط بين المعاني العرفية السوقية الرائجة بين أهل المحاورة المبني عليها الكتاب والسنّة والدقائق الخارجة عن فهم العرف». (٢) ولذلك يجب على المجتهد في فهم المفردات والجمل التركيبية الرجوع إلى المعاجم الأصلية التي تذكر معاني الألفاظ ومقاصد التراكيب في عصر النزول ، ومما لا شكّ فيه طروء التطور على كثير من المفاهيم عبر القرون الغابرة وهكذا مفاد الهيئات التركيبيّة.
٤. ذكروا للعرف تعاريف مختلفة ، ولعلّ أفضلها ما ذكره الأُستاذ عبد الوهاب خلّاف : «العرف ما تعارفه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو
__________________
(١) (إبراهيم : ٤.)
(٢) الرسائل للإمام الخميني : ٩٦ / ٢.